ندب الخبراء في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر :: الفئة الأولى :: ******* ثانيا : المنتدى القانوني :: ( 2) : موضوعات قانونية
صفحة 1 من اصل 1
ندب الخبراء في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
ندب الخبراء
خولت المادة (29) من قانون الإجراءات الجنائية لمأموري الضبط القضائي حق الاستعانة بالأطباء وغيرهم من أهل الخبرة دون تحليفهم اليمين إلا إذا خيف ألا يستطاع فيما يعد تحليفهم إياها، كما خولت المادة (85) إجراءات لقاضي التحقيق حق ندب الخبراء باعتباره إجراء من إجراءات التحقيق فنصت على أنه (إذا استلزم إثبات الحالة الاستعانة بطبيب أو غيره من الخبراء يجب على قاضي التحقيق الحضور وقت العمل وملاحظته، وإذا اقتضى الأمر إثبات الحالة بدون حضور قاضي التحقيق نظرًا إلى ضرورة القيام ببعض أعمال تحضيرية أو تجاوب متكررة أو لأي سبب آخر وجب على قاضي التحقيق أن يصدر أمرًا يبين فيه أنواع التحقيقات وما يراد إثبات حالته، ويجوز في جميع الأحوال أن يؤدي الخبير مأموريته بغير حضور الخصوم)، ونصت المادة (86) على أنه (يجب على الخبراء أن يحلفوا أمام قاضي التحقيق يمينًا على أن يبدوا رأيهم بالذمة... إلخ)، والعلة في هذه الإباحة أنه قد تنشأ في الدعوى أثناء تحقيقها أو جمع الاستدلالات فيها مسالة أو مسائل يتطلب حلها معلومات فنية خاصة كمعرفة سبب الوفاة أو تركيب مادة مشتبه في أنها سامة أو مغشوشة أو أنها من الجواهر المخدرة وفحص الخطوط والحسابات والآلات...، وغير ذلك من الأمور التي قد تؤثر في مراكز الخصوم في الدعوى.
والخبير هو كل شخص له دراية خاصة بمسألة من المسائل، ويقدم الخبراء في العادة مساعدات قيمة للقاضي بانتدابهم لحل نقط التحقيق الغامضة عليه ومن ثم اهتمت الشرائع الحديثة بتنظيم أعمال أهل الخبرة تحقيقًا لهذا الغرض فأصدر المشرع المصري القانون رقم (1) لسنة 1909 ثم القانون رقم (1) لسنة 1917 ثم ألغاهما في سنة 1933 وأحل محلهما القانون رقم (75) لسنة 1933 الذي استمر العمل به حتى يونيو سنة 1952 حيث صدر المرسوم بقانون رقم (96) لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام جهة القضاء.
ولقد عنى المرسوم بقانون الأخير في مادته الأولى ببيان من لهم الحق في القيام بأعمال الخبرة أمام جهات القضاء المختلفة وهم الخبراء المقيدون في جداول المحاكم وقت العمل به وخبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي والمصالح الأخرى التي يعهد إليها بأعمال الخبرة كإدارة تحقيق الشخصية وقسم الأمراض العقلية ومصلحة التمغة وكل من ترى جهات القضاء عند الضرورة الاستعانة برأيهم الفني من غير من ذكروا كندب خبير في التصوير والتماثيل أو التحف الأثرية.
والذي يهمنا في هذا المقام بحث القواعد والأحكام العملية المنظمة لأعمال أهل الخبرة أمام القضاء الجنائي وسنبدأ ببيان كيفية ندب الخبراء واختيارهم وضرورة تحليفهم اليمين وطريقة تأديتهم للمأموريات التي يندبون لها والتقارير التي تقدم منهم عنها وأخيرًا القواعد المنظمة لتنحيهم أو ردهم.
( أ ) كيفية ندب الخبراء واختيارهم:
يقع ندب الخبراء في الدور الابتدائي من الدعوى من مأموري الضبط القضائي عند قيامهم بجمع الاستدلالات (م 29) إجراءات، ومن قاضي التحقيق أو النيابة العامة باعتبارها سلطة تحقيق في الجنح والمخالفات مواد (85) و(199) إجراءات كما يقع من المحاكم في دور التحقيق النهائي للدعوى مواد (292) و(293) إجراءات، ولم يحدد قانون الإجراءات الجنائية شكلاً خاصًا لندب الخبراء في دور التحقيق الابتدائي ويكون ندبهم بأمر أو قرار يصدر من مأموري الضبط القضائي أثناء مباشرتهم جمع الاستدلالات أو من قاضي التحقيق أو النيابة العامة عند التحقيق.
ويمكن أن يصدر هذا الأمر أو القرار في بدء التحقيق أو نهايته أو على ورقة مستقلة ترفق بالتحقيقات ويجب أن يتضمن بيانًا لما يراد إثبات حالته وما هو مطلوب من الخبير المندوب، ولا يعتبر هذا الأمر من قبيل الأحكام أو الأوامر القضائية التي يصدرها قاضي التحقيق بل هو من قبيل الأوامر التي تعتبر من إجراءات التحقيق المتروك أمر تقدير لزومها وإصدارها للسلطة التي تتولى التحقيق وحدها ومن ثم فلا يجوز الطعن فيها أو استئنافها كما لا يلزم صدورها بالشكل الوارد في المادة (225) من قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتباره الأصل المنظم للإجراءات أمام المحاكم، والندب يكون في العادة من نفس المحقق أو مأمور الضبط القضائي إلا أنه لا يوجد ما يمنع الخصوم من طلب الاستعانة بأي خبير يرون لزوم الاستعانة به ولقاضي التحقيق مطلق الحرية في تقدير هذا الطلب والأخذ به أو رفضه على أن يفصل فيه في ظرف أربع وعشرين ساعة من وقت تقديمه إليه وأن يبين الأسباب التي يستند إليها فيما انتهى إليه وعلى النيابة أن تعلن قراره للخصوم إن لم يكن صدر في مواجهتهم في ظرف أربع وعشرين ساعة من تاريخ صدوره (81)، (82)، (83) إجراءات ويراجع أيضًا بحثنا المنشور بالعدد العاشر للسنة 32 من مجلة المحاماة.
ولم يكن قي قانون تحقيق الجنايات الملغى نص صريح يخول المحاكم الجنائية حق ندب الخبراء رغم ورود نصوص به تقرر هذا الحق لمأموري الضبطية القضائية والنيابة العامة وقاضي التحقيق ومع ذلك استقر العمل في المحاكم على ندب الخبراء كلما تبين لها أن ندبهم ضروري لاكتشاف الحقيقة وأخذ المشروع في قانون الإجراءات الجنائية بما استقر عليه العمل فنص في المادة (292) منه على أنه (للمحكمة سواء من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب الخصوم أن تعين خبيرًا واحدًا أو أكثر في الدعوى)، فإذا ما طلب أحد الخصوم من المحكمة تعيين خبير فلها أن ترفض طلبه إذا رأت أن الوجه المطلوب تحقيقه غير متعلق بالموضوع ولا جائز القبول أو أنه واضح وضوحًا كافيًا على أن تبين في حكمها الأسباب التي استندت إليها في الرفض.
وإذا رأت المحكمة سواء من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب الخصوم ندب خبير في الدعوى فعلها أن تصدر حكمًا تمهيديًا بذلك موضحًا به كافة البيانات الواردة في المادة (225) مرافعات باعتباره القانون الأصلي للإجراءات الواجب التطبيق أمام المحاكم الجنائية عند سكوت قانونها وأخذًا بما قضت به المادة (49) من المرسوم بقانون المنظم لأعمال الخبرة أمام جهات القضاء ومذكرته الإيضاحية، والحكم الصادر بندب خبير لا يجوز استئنافه قبل الفصل في موضوع الدعوى ويترتب حتمًا على استئناف الحكم الصادر في الموضوع استئنافه (م405) إجراءات، كما لا يجوز التظلم استقلالاً من رفض طلب ندب خبير ولذي الشأن أن يطلبه من جديد بعد الحكم في موضوع الدعوى أن أعيد نظره أمام جهة قضائية عليا أو أن يعتبره سندًا للطعن في الحكم بالنقض إذا خلا الحكم المطعون فيه من بيان أسباب رفض الطلب........ إلخ.
واتفاق الخصوم - سواء في دور التحقيق الابتدائي أو في دوره النهائي - على ندب خبير معين لا يقيد سلطة التحقيق أو المحكمة ولكل منهما كامل الحرية في اختيار الخبير الذي يرى أن في اختياره ضمانًا أو في للعدالة.
ولقد بين المرسوم بقانون السابق الإشارة إليه بعض أنواع الخبراء الذين يجوز الاستعانة بهم أمام جهات القضاء والنيابة العامة، والأصل أن تكون الاستعانة بهم وحدهم ما دام أن الوجه المطلوب تحقيقه يدخل في نطاق معلوماتهم الفنية فإذا كانت المسألة المطلوب إبداء الرأي فيها تحتاج إلى خبير من غير هؤلاء فلا يوجد ما يمنع من ندبه على أن يبين في الأمر أو الحكم الصادر بالندب الأسباب الموجبة لذلك فإذا كان الأمر متعلق بمادة ضرائبية وجب ندب خبراء وزارة العدل، وإذا كان الندب كخبير من وزارة العدل أو من مصلحة الطب الشرعي أو أي مصلحة أخرى فلا محل لتحديد اسم الخبير أو الطبيب بل يجب أن يكون الندب لمكتب الخبراء بوزارة العدل أو قسم الطب الشرعي المختص أو إحدى المصالح الأخرى المعهود إليها بأعمال الخبرة (تراجع المادة (50) من المرسوم بقانون).
وإذا ما أصدر قاضي التحقيق أو وكيل النيابة المحقق في الجنح قرارًا بندب خبير وجب عليه الحضور وقت عمل الخبير وملاحظته إلا إذا كان هناك مانع قوى يمنعه عن الحضور أو إذا كانت المأمورية تحتاج لقيام الخبير ببعض أعمال تحضيرية أو تجارب متكررة وفي هذه الحالة الأخيرة يجب أن يتضمن الأمر ملخصًا وافيًا للتحقيقات وما يراد إثبات حالته (م 85/ 2 إجراءات)، ويجوز للخبير دائمًا أن يؤدي مأموريته بغير حضور الخصوم ولهؤلاء الخصوم الحضور دائما متى كانت طبيعة الإجراء لا تتعارض مع حضورهم، ومن الأفضل دعوتهم للحضور في هذه الحالة حتى يمكن سماع ملاحظاتهم ونسد بذلك في وجههم سبيل الطعن في المستقبل على عمل الخبير (م 85/ 3 إجراءات).
ولقد منح قانون الإجراءات في المادة 88 منه المتهم حق الاستعانة بخبير استشاري يمكنه الاطلاع على الأوراق وسائر ما سبق تقديمه للخبير المعين من قبل سلطة التحقيق على ألا يترتب على ذلك تأخير السير في الدعوى، وإذا كان القانون لم ينص صراحةً على منح بقية الخصوم هذا الحق فما لا شك فيه أنهم والمتهم في هذا الحق سواء وأن المشروع إنما خص المتهم بالذكر لتوكيد الحق له.
وإذا كان قانون الإجراءات قد سكت في باب المحاكمة عن النص على القواعد المذكورة آنفًا المتعلقة بالحضور وبالاستعانة بخبير استشاري فإن سكوته لا يقيد المحكمة في الأخذ بها لأنها قواعد عامة شرعت لتحقيق العدالة والوصول إلى الحقيقة التي يسعى إليها القاضي في دور التحقيق النهائي كما تسعى إليها سلطة التحقيق في الدور الابتدائي.
(ب) حلف الخبير اليمين:
1 - متى يجب تحليف الخبير اليمين:
نصت المادة 29/ 2 إجراءات على أنه لا يجوز لمأموري الضبط القضائي أثناء قيامهم بجمع الاستدلالات تحليف الشهود أو الخبراء اليمين إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماع الشهادة بيمين ومفهوم هذا النص أنه لا يجوز لمأموري الضبط القضائي - عدا النيابة العامة - تحليف الخبراء اليمين إلا في الأحوال التي يخشى فيها فوات الوقت أما النيابة العامة فلها تحليفهم اليمين عند مباشرتها التحقيق في الجنح والمخالفات وليس لها هذا الحق عند قيامها بجمع الاستدلالات في الجنايات إلا في الأحوال التي يخشى فيها من فوات الوقت كما في حالة رفع بصمات اليد أو الأقدام لاحتمال زوال آثارها بسبب التقلبات الجوية أو غيرها أن بقيت على حالتها مدة طويلة.
وإذا كان ندب الخبراء بواسطة قضاة التحقيق وجب عليهم حلف اليمين أمامهم (م 86 إجراءات).
ورغم أن قانون الإجراءات الجنائية لم ينص على تحليف الخبراء المنتدبين من المحاكم اليمين فلا شك في وجوب تحليفهم إياها أخذًا بما جرى عليه الفقه والقضاء في فرنسا ومصر قبل صدور القانون الجديد من وجوب الاستحلاف رغم خلو قانون تحقيق الجنايات الملغى من النص على ذلك.
ويجب أن يحلف (الخبير) اليمين قبل البدء في مباشرته مأموريته فإذا ما حلف بعد أدائه لها أو أثناء هذا الأداء اعتبر كما لو كان قد أدى المأمورية بدون حلف يمين، فإذا ما حلف اليمين قبل مباشرته المأمورية شملت هذه اليمين كل الأعمال التي تطلب منه في الدعوى من الجهة التي ندبته ولا يجب تجديدها كلما طلب منه أداء أعمال إضافية أو إيضاح بعض الأعمال التي قام بها، أما إذا استدعي الخبير أمام سلطة التحقيق أو المحكمة لتقديم بعض الإيضاحات وجب عليه في هذه الحالة أن يحلف يمين الشهادة وإذا ما استدعي أحد الفنيين لتأدية الشهادة ثم احتاجت المحكمة لمعلوماته الخاصة وندبته كخبير ليؤدي مأمورية معينة ويقدم تقريرًا كتابيًا عنها وجب عليه حلف اليمين كخبير قبل البدء في أداء المأمورية المطلوب منه أداؤها.
2 - صيغة اليمين:
لم تبين المادة (29) إجراءات صيغة اليمين التي يحلفها الخبير المندوب من مأموري الضبط القضائي عند قيامهم بجمع الاستدلالات في الحالات التي يجوز لهم فيها ذلك في حين أن المادة (86) إجراءات أوجبت على الخبراء أن يحلفوا أمام قضاة التحقيق يمينًا على (أن يبدو رأيهم بالذمة)، وسكت القانون في باب المحاكمة عن النص على تحليف الخبراء اليمين، وكان القانون رقم (75) لسنة 1933 ينص في مادته الثامنة على تحليف الخبير اليمين (بأن يؤدي عمله بالصدق والأمانة)، ولما أن صدر المرسوم بقانون رقم (96) لسنة 1952 نص في المادة (48) منه على إلزام خبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي بأن يحلفوا قبل مزاولتهم لأعمال وظائفهم يمينًا (بأن يؤدوا هذه الأعمال بالذمة والصدق)، وجاء النص في قانون المرافعات المدنية والتجارية مطابقًا للنص الوارد في القانون رقم (75) لسنة 1933 ومن ثم يبدو بجلاء أن المشرع لم يأخذ بصيغة واحدة في كل القوانين وأي صيغة من الصيغ المذكورة آنفًا تصلح للاستحلاف كما تصلح له أي صيغة أخرى مشابهة لأن المهم في ذلك كما قالت محكمة النقض هو التذكير بالإله العظيم واتخاذه رقيبًا على الحالف.
3 - هل يجب تحليف الخبراء اليمين في كل مرة يندبون فيها:
كان القانون رقم (75) لسنة 1933 المنظم لأعمال الخبراء أمام المحاكم الأهلية ينص في مادته الثامنة على وجوب تحليف الخبير الذي قبل طلبه وقيد في جدول الخبراء يمينًا قبل مزاولته لأعماله تسري على جميع القضايا التي يندب فيها ثم نصت المادة الحادية عشرة منه على جواز استبعاد قسم الخبراء في الخطوط من الجدول لكي يعهد به إلى موظفين يعينون لهذا الغرض بقرار من وزير الحقانية ويحلف هؤلاء الموظفون اليمين المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون المذكور، ويؤخذ من هذه النصوص أمران:
أولهما: أن الخبراء المقيدون بالجدول يحلفون يمينًا واحدة عند قيدهم به تسري على جميع القضايا والأعمال التي يندبون لها.
وثانيهما: أن لوزير الحقانية حق إصدار قرارات بندب بعض الموظفين لأعمال الخبرة يحلفون يمينًا واحدة قبل مزاولتهم لأعمالهم وتنفيذًا لذلك أصدر الوزير بالفعل بعض القرارات ومن بينها القرار المنظم لمصلحة الطب الشرعي بأقسامها المختلفة ولإيجاد الانسجام في التشريع عدلت المادة (225) من قانون المرافعات الملغى بالقانون رقم (76) لسنة 1933 بما يوجب إعفاء الخبراء إعفاء الخبراء المقيدين بالجدول من حلف اليمين اكتفاء باليمين التي حلفوها عند القيد وأخذ قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادرة في سنة 1949 في المادة (229) منه بما جاء في المادة (225) المعدلة حيث نص على تحليف الخبير الغير مقيد اسمه بالجدول اليمين أمام قاضي الأمور الوقتية في كل مرة يندب فيها لأداء مأمورية ما.
ولما أن صدر المرسوم بقانون رقم (96) لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام جهات القضاء نص في المادة (48) منه على أنه (استثناءً من أحكام المادة (229) من قانون المرافعات للمواد المدنية والتجارية يحلف خبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي قبل مزاولة أعمال وظائفهم يمينًا أمام إحدى دوائر محاكم الاستئناف بأن يؤدوا هذه الأعمال بالذمة والصدق) بمعنى أنه يكتفي بالنسبة لخبراء الجدول وخبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي بحلف يمين واحدة قبل مزاولتهم لأعمال وظائفهم تسري على جميع الأعمال التي يندبون لها بعد استلامهم لأعمال وظائفهم أما بالنسبة لغير خبراء الجدول ووزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي فيجب تحليف الخبير اليمين في كل مرة يندب فيها لأداء عمل معين.
وللتمييز بين الخبراء الواجب تحليفهم اليمين بمعرفة سلطة التحقيق أو المحكمة من كل مرة يندبون فيها لأداء مأمورية معينة وغيرهم من الخبراء الذين حلفوا اليمين قبل مزاولتهم لأعمال وظائفهم يجب التأكد من أمر قيد الخبير بالجدول أو كونه من خبراء وزارة العدل أو مصلحة الطب الشرعي فإن ثبت أنه ليس من هؤلاء وجب تحليفه اليمين قبل البدء في تنفيذ المأمورية المندوب لها حتى ولو كان من الموظفين التابعين لإحدى المصالح المعهود إليها بأعمال الخبرة والمصرح لهم بأدائها بعد حلف يمين واحدة كمفتشي الصحة الذين سبق لهم حلف اليمين أمام رئيس محكمة الاستئناف لأن قانون الخبراء الجديد حدد الخبراء الذين يحلفون يمينًا واحدة سواء أكانوا من خبراء الجدول أو الخبراء الموظفين وقضى في المادة (61) منه بإلغاء كل نص يخالف أحكامه ومن ثم تسقط القوانين أو القرارات التي كانت تقضي بتحليف الموظفين يمينًا واحدة تسري على كل ما يندبون له من أعمال.
وأخذًا بما تقدم يجب تحليف مفتش الصحة وأطباء المستشفيات بما فيها مستشفى الأمراض العقلية وموظفي إدارة تحقيق الشخصية اليمين قبل البدء في تنفيذ ما يندبون له من مأموريات.
وغني عن الذكر أنه يجب تحليف خبراء الجدول وخبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي يمين الشهادة إن دعوا لتأدية الشهادة أمام سلطة التحقيق أو المحكمة.
ولقد كان نص المادة (86) من قانون الإجراءات الجنائية مدعاة لتردد البعض في القول بوجوب تحليف خبراء مصلحة الطب الشرعي ومن إليهم ممن كان قد صدرت في شأنهم قرارات بتحليفهم يمينًا واحدة تسري على كل المأموريات التي يندبون لها ونرى أنه لم يكن هناك محل لهذا التردد لأن نص قانون الإجراءات المشار إليه يطابق النصوص الواردة في قانون تحقيق الجنايات الملغى ولأن القانون رقم (75) لسنة 1933 الذي أباح الاكتفاء بيمين واحدة وأعطى لوزير العدل حق إصدار قرارات بتطبيق هذه القاعدة على الخبراء الموظفين لم يلغَ إلا في يونيو سنة 952 بمقتضى المرسوم بقانون رقم (96) سنة 952 الذي أورد القواعد التي فصلناها فيما سبق ومن ثم لم يكن هناك ما يدعو لتحليف خبراء الجدول أو الخبراء الموظفين الذين صدرت في شأنهم قرارات تطبيقًا للمادة (11) من القانون رقم (75) سنة 933 اليمين عند ندبهم بمعرفة سلطة التحقيق أو المحكمة لتأدية مأمورية ما.
4 - الآثار المترتبة على عدم حلف الخبراء اليمين:
لم ينص قانون الإجراءات الجنائية كسلفه قانون تحقيق الجنايات الملغى على بطلان أعمال الخبير الذي لا يحلف يمينًا بأن يؤدي الأعمال المندوب لها بالذمة والصدق ولكن الذي استقر عليه الفقه والقضاء أن حلف اليمين يعتبر من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها اعتبار أعمال الخبير وتقريره من قبيل الاستدلالات المفيدة التي يجوز للمحكمة الأخذ بها أو طرحها جانبًا كما حكم بأنه إذا دفع المتهم ببطلان تقرير الخبير ومحاضر أعماله لعدم حلفه اليمين عند ندبه من قبل النيابة العامة للقيام بمأموريته وأغفلت المحكمة الرد على هذا الدفع واعتمدت في الوقت ذاته على هذا التقرير في إثبات التهمة المسندة إليه فهذا يعيب الحكم عيبًا جوهريًا يستلزم نقضه (مجموعة القواعد القانونية لمحمود عمر الجزء الرابع قاعدة 53 صـ 52).
ولقد أخذ قانون الإجراءات في المادة (331) منه بما استقر عليه قضاء المحاكم من حيث أوجه البطلان فنصت المادة (331) على (أنه يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري) ثم قالت المادة (332) (إذا كان البطلان راجعًا لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة أو بولايتها بالحكم في الدعوى أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروضة عليها أو بغير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام جاز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى وتقضي به المحكمة ولو بغير طلب)، ثم أضافت المادة (333) (في غير الأحوال المشار إليها في المادة السابقة يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محامٍ وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه أما في مواد المخالفات فيعتبر الإجراء صحيحًا إذا لم يعترض عليه المتهم ولو لم يحضر معه محامٍ بالجلسة وكذلك يسقط حق الدفع بالبطلان بالنسبة للنيابة العامة إذا لم تتمسك به في حينه).
والبطلان الناشئ عن عدم تحليف الخبير اليمين لا يعتبر من النظام العام ومن ثم فلا يمكن التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، وطبقًا لنص المادة (333) يسقط الحق في الدفع به في الجنايات والجنح إذا كان للمتهم محامٍ وحصل الإجراء بحضوره وبدون اعتراض منه فإذا ما أصدر قاضي التحقيق أمرًا بندب خبير من غير خبراء الجدول أو وزارة العدل أو مصلحة الطب الشرعي في جناية أو جنحة للمتهم فيها محامٍ وأغفل القاضي تحليف الخبير اليمين ثم باشر الخبير مأموريته بحضور المحامي وبدون اعتراض منه سقط الحق في التمسك بالدفع ببطلان أعمال الخبير باعتبارها من إجراءات التحقيق الابتدائي.
والخبير هو كل شخص له دراية خاصة بمسألة من المسائل، ويقدم الخبراء في العادة مساعدات قيمة للقاضي بانتدابهم لحل نقط التحقيق الغامضة عليه ومن ثم اهتمت الشرائع الحديثة بتنظيم أعمال أهل الخبرة تحقيقًا لهذا الغرض فأصدر المشرع المصري القانون رقم (1) لسنة 1909 ثم القانون رقم (1) لسنة 1917 ثم ألغاهما في سنة 1933 وأحل محلهما القانون رقم (75) لسنة 1933 الذي استمر العمل به حتى يونيو سنة 1952 حيث صدر المرسوم بقانون رقم (96) لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام جهة القضاء.
ولقد عنى المرسوم بقانون الأخير في مادته الأولى ببيان من لهم الحق في القيام بأعمال الخبرة أمام جهات القضاء المختلفة وهم الخبراء المقيدون في جداول المحاكم وقت العمل به وخبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي والمصالح الأخرى التي يعهد إليها بأعمال الخبرة كإدارة تحقيق الشخصية وقسم الأمراض العقلية ومصلحة التمغة وكل من ترى جهات القضاء عند الضرورة الاستعانة برأيهم الفني من غير من ذكروا كندب خبير في التصوير والتماثيل أو التحف الأثرية.
والذي يهمنا في هذا المقام بحث القواعد والأحكام العملية المنظمة لأعمال أهل الخبرة أمام القضاء الجنائي وسنبدأ ببيان كيفية ندب الخبراء واختيارهم وضرورة تحليفهم اليمين وطريقة تأديتهم للمأموريات التي يندبون لها والتقارير التي تقدم منهم عنها وأخيرًا القواعد المنظمة لتنحيهم أو ردهم.
( أ ) كيفية ندب الخبراء واختيارهم:
يقع ندب الخبراء في الدور الابتدائي من الدعوى من مأموري الضبط القضائي عند قيامهم بجمع الاستدلالات (م 29) إجراءات، ومن قاضي التحقيق أو النيابة العامة باعتبارها سلطة تحقيق في الجنح والمخالفات مواد (85) و(199) إجراءات كما يقع من المحاكم في دور التحقيق النهائي للدعوى مواد (292) و(293) إجراءات، ولم يحدد قانون الإجراءات الجنائية شكلاً خاصًا لندب الخبراء في دور التحقيق الابتدائي ويكون ندبهم بأمر أو قرار يصدر من مأموري الضبط القضائي أثناء مباشرتهم جمع الاستدلالات أو من قاضي التحقيق أو النيابة العامة عند التحقيق.
ويمكن أن يصدر هذا الأمر أو القرار في بدء التحقيق أو نهايته أو على ورقة مستقلة ترفق بالتحقيقات ويجب أن يتضمن بيانًا لما يراد إثبات حالته وما هو مطلوب من الخبير المندوب، ولا يعتبر هذا الأمر من قبيل الأحكام أو الأوامر القضائية التي يصدرها قاضي التحقيق بل هو من قبيل الأوامر التي تعتبر من إجراءات التحقيق المتروك أمر تقدير لزومها وإصدارها للسلطة التي تتولى التحقيق وحدها ومن ثم فلا يجوز الطعن فيها أو استئنافها كما لا يلزم صدورها بالشكل الوارد في المادة (225) من قانون المرافعات المدنية والتجارية باعتباره الأصل المنظم للإجراءات أمام المحاكم، والندب يكون في العادة من نفس المحقق أو مأمور الضبط القضائي إلا أنه لا يوجد ما يمنع الخصوم من طلب الاستعانة بأي خبير يرون لزوم الاستعانة به ولقاضي التحقيق مطلق الحرية في تقدير هذا الطلب والأخذ به أو رفضه على أن يفصل فيه في ظرف أربع وعشرين ساعة من وقت تقديمه إليه وأن يبين الأسباب التي يستند إليها فيما انتهى إليه وعلى النيابة أن تعلن قراره للخصوم إن لم يكن صدر في مواجهتهم في ظرف أربع وعشرين ساعة من تاريخ صدوره (81)، (82)، (83) إجراءات ويراجع أيضًا بحثنا المنشور بالعدد العاشر للسنة 32 من مجلة المحاماة.
ولم يكن قي قانون تحقيق الجنايات الملغى نص صريح يخول المحاكم الجنائية حق ندب الخبراء رغم ورود نصوص به تقرر هذا الحق لمأموري الضبطية القضائية والنيابة العامة وقاضي التحقيق ومع ذلك استقر العمل في المحاكم على ندب الخبراء كلما تبين لها أن ندبهم ضروري لاكتشاف الحقيقة وأخذ المشروع في قانون الإجراءات الجنائية بما استقر عليه العمل فنص في المادة (292) منه على أنه (للمحكمة سواء من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب الخصوم أن تعين خبيرًا واحدًا أو أكثر في الدعوى)، فإذا ما طلب أحد الخصوم من المحكمة تعيين خبير فلها أن ترفض طلبه إذا رأت أن الوجه المطلوب تحقيقه غير متعلق بالموضوع ولا جائز القبول أو أنه واضح وضوحًا كافيًا على أن تبين في حكمها الأسباب التي استندت إليها في الرفض.
وإذا رأت المحكمة سواء من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب الخصوم ندب خبير في الدعوى فعلها أن تصدر حكمًا تمهيديًا بذلك موضحًا به كافة البيانات الواردة في المادة (225) مرافعات باعتباره القانون الأصلي للإجراءات الواجب التطبيق أمام المحاكم الجنائية عند سكوت قانونها وأخذًا بما قضت به المادة (49) من المرسوم بقانون المنظم لأعمال الخبرة أمام جهات القضاء ومذكرته الإيضاحية، والحكم الصادر بندب خبير لا يجوز استئنافه قبل الفصل في موضوع الدعوى ويترتب حتمًا على استئناف الحكم الصادر في الموضوع استئنافه (م405) إجراءات، كما لا يجوز التظلم استقلالاً من رفض طلب ندب خبير ولذي الشأن أن يطلبه من جديد بعد الحكم في موضوع الدعوى أن أعيد نظره أمام جهة قضائية عليا أو أن يعتبره سندًا للطعن في الحكم بالنقض إذا خلا الحكم المطعون فيه من بيان أسباب رفض الطلب........ إلخ.
واتفاق الخصوم - سواء في دور التحقيق الابتدائي أو في دوره النهائي - على ندب خبير معين لا يقيد سلطة التحقيق أو المحكمة ولكل منهما كامل الحرية في اختيار الخبير الذي يرى أن في اختياره ضمانًا أو في للعدالة.
ولقد بين المرسوم بقانون السابق الإشارة إليه بعض أنواع الخبراء الذين يجوز الاستعانة بهم أمام جهات القضاء والنيابة العامة، والأصل أن تكون الاستعانة بهم وحدهم ما دام أن الوجه المطلوب تحقيقه يدخل في نطاق معلوماتهم الفنية فإذا كانت المسألة المطلوب إبداء الرأي فيها تحتاج إلى خبير من غير هؤلاء فلا يوجد ما يمنع من ندبه على أن يبين في الأمر أو الحكم الصادر بالندب الأسباب الموجبة لذلك فإذا كان الأمر متعلق بمادة ضرائبية وجب ندب خبراء وزارة العدل، وإذا كان الندب كخبير من وزارة العدل أو من مصلحة الطب الشرعي أو أي مصلحة أخرى فلا محل لتحديد اسم الخبير أو الطبيب بل يجب أن يكون الندب لمكتب الخبراء بوزارة العدل أو قسم الطب الشرعي المختص أو إحدى المصالح الأخرى المعهود إليها بأعمال الخبرة (تراجع المادة (50) من المرسوم بقانون).
وإذا ما أصدر قاضي التحقيق أو وكيل النيابة المحقق في الجنح قرارًا بندب خبير وجب عليه الحضور وقت عمل الخبير وملاحظته إلا إذا كان هناك مانع قوى يمنعه عن الحضور أو إذا كانت المأمورية تحتاج لقيام الخبير ببعض أعمال تحضيرية أو تجارب متكررة وفي هذه الحالة الأخيرة يجب أن يتضمن الأمر ملخصًا وافيًا للتحقيقات وما يراد إثبات حالته (م 85/ 2 إجراءات)، ويجوز للخبير دائمًا أن يؤدي مأموريته بغير حضور الخصوم ولهؤلاء الخصوم الحضور دائما متى كانت طبيعة الإجراء لا تتعارض مع حضورهم، ومن الأفضل دعوتهم للحضور في هذه الحالة حتى يمكن سماع ملاحظاتهم ونسد بذلك في وجههم سبيل الطعن في المستقبل على عمل الخبير (م 85/ 3 إجراءات).
ولقد منح قانون الإجراءات في المادة 88 منه المتهم حق الاستعانة بخبير استشاري يمكنه الاطلاع على الأوراق وسائر ما سبق تقديمه للخبير المعين من قبل سلطة التحقيق على ألا يترتب على ذلك تأخير السير في الدعوى، وإذا كان القانون لم ينص صراحةً على منح بقية الخصوم هذا الحق فما لا شك فيه أنهم والمتهم في هذا الحق سواء وأن المشروع إنما خص المتهم بالذكر لتوكيد الحق له.
وإذا كان قانون الإجراءات قد سكت في باب المحاكمة عن النص على القواعد المذكورة آنفًا المتعلقة بالحضور وبالاستعانة بخبير استشاري فإن سكوته لا يقيد المحكمة في الأخذ بها لأنها قواعد عامة شرعت لتحقيق العدالة والوصول إلى الحقيقة التي يسعى إليها القاضي في دور التحقيق النهائي كما تسعى إليها سلطة التحقيق في الدور الابتدائي.
(ب) حلف الخبير اليمين:
1 - متى يجب تحليف الخبير اليمين:
نصت المادة 29/ 2 إجراءات على أنه لا يجوز لمأموري الضبط القضائي أثناء قيامهم بجمع الاستدلالات تحليف الشهود أو الخبراء اليمين إذا خيف ألا يستطاع فيما بعد سماع الشهادة بيمين ومفهوم هذا النص أنه لا يجوز لمأموري الضبط القضائي - عدا النيابة العامة - تحليف الخبراء اليمين إلا في الأحوال التي يخشى فيها فوات الوقت أما النيابة العامة فلها تحليفهم اليمين عند مباشرتها التحقيق في الجنح والمخالفات وليس لها هذا الحق عند قيامها بجمع الاستدلالات في الجنايات إلا في الأحوال التي يخشى فيها من فوات الوقت كما في حالة رفع بصمات اليد أو الأقدام لاحتمال زوال آثارها بسبب التقلبات الجوية أو غيرها أن بقيت على حالتها مدة طويلة.
وإذا كان ندب الخبراء بواسطة قضاة التحقيق وجب عليهم حلف اليمين أمامهم (م 86 إجراءات).
ورغم أن قانون الإجراءات الجنائية لم ينص على تحليف الخبراء المنتدبين من المحاكم اليمين فلا شك في وجوب تحليفهم إياها أخذًا بما جرى عليه الفقه والقضاء في فرنسا ومصر قبل صدور القانون الجديد من وجوب الاستحلاف رغم خلو قانون تحقيق الجنايات الملغى من النص على ذلك.
ويجب أن يحلف (الخبير) اليمين قبل البدء في مباشرته مأموريته فإذا ما حلف بعد أدائه لها أو أثناء هذا الأداء اعتبر كما لو كان قد أدى المأمورية بدون حلف يمين، فإذا ما حلف اليمين قبل مباشرته المأمورية شملت هذه اليمين كل الأعمال التي تطلب منه في الدعوى من الجهة التي ندبته ولا يجب تجديدها كلما طلب منه أداء أعمال إضافية أو إيضاح بعض الأعمال التي قام بها، أما إذا استدعي الخبير أمام سلطة التحقيق أو المحكمة لتقديم بعض الإيضاحات وجب عليه في هذه الحالة أن يحلف يمين الشهادة وإذا ما استدعي أحد الفنيين لتأدية الشهادة ثم احتاجت المحكمة لمعلوماته الخاصة وندبته كخبير ليؤدي مأمورية معينة ويقدم تقريرًا كتابيًا عنها وجب عليه حلف اليمين كخبير قبل البدء في أداء المأمورية المطلوب منه أداؤها.
2 - صيغة اليمين:
لم تبين المادة (29) إجراءات صيغة اليمين التي يحلفها الخبير المندوب من مأموري الضبط القضائي عند قيامهم بجمع الاستدلالات في الحالات التي يجوز لهم فيها ذلك في حين أن المادة (86) إجراءات أوجبت على الخبراء أن يحلفوا أمام قضاة التحقيق يمينًا على (أن يبدو رأيهم بالذمة)، وسكت القانون في باب المحاكمة عن النص على تحليف الخبراء اليمين، وكان القانون رقم (75) لسنة 1933 ينص في مادته الثامنة على تحليف الخبير اليمين (بأن يؤدي عمله بالصدق والأمانة)، ولما أن صدر المرسوم بقانون رقم (96) لسنة 1952 نص في المادة (48) منه على إلزام خبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي بأن يحلفوا قبل مزاولتهم لأعمال وظائفهم يمينًا (بأن يؤدوا هذه الأعمال بالذمة والصدق)، وجاء النص في قانون المرافعات المدنية والتجارية مطابقًا للنص الوارد في القانون رقم (75) لسنة 1933 ومن ثم يبدو بجلاء أن المشرع لم يأخذ بصيغة واحدة في كل القوانين وأي صيغة من الصيغ المذكورة آنفًا تصلح للاستحلاف كما تصلح له أي صيغة أخرى مشابهة لأن المهم في ذلك كما قالت محكمة النقض هو التذكير بالإله العظيم واتخاذه رقيبًا على الحالف.
3 - هل يجب تحليف الخبراء اليمين في كل مرة يندبون فيها:
كان القانون رقم (75) لسنة 1933 المنظم لأعمال الخبراء أمام المحاكم الأهلية ينص في مادته الثامنة على وجوب تحليف الخبير الذي قبل طلبه وقيد في جدول الخبراء يمينًا قبل مزاولته لأعماله تسري على جميع القضايا التي يندب فيها ثم نصت المادة الحادية عشرة منه على جواز استبعاد قسم الخبراء في الخطوط من الجدول لكي يعهد به إلى موظفين يعينون لهذا الغرض بقرار من وزير الحقانية ويحلف هؤلاء الموظفون اليمين المنصوص عليها في المادة الثامنة من القانون المذكور، ويؤخذ من هذه النصوص أمران:
أولهما: أن الخبراء المقيدون بالجدول يحلفون يمينًا واحدة عند قيدهم به تسري على جميع القضايا والأعمال التي يندبون لها.
وثانيهما: أن لوزير الحقانية حق إصدار قرارات بندب بعض الموظفين لأعمال الخبرة يحلفون يمينًا واحدة قبل مزاولتهم لأعمالهم وتنفيذًا لذلك أصدر الوزير بالفعل بعض القرارات ومن بينها القرار المنظم لمصلحة الطب الشرعي بأقسامها المختلفة ولإيجاد الانسجام في التشريع عدلت المادة (225) من قانون المرافعات الملغى بالقانون رقم (76) لسنة 1933 بما يوجب إعفاء الخبراء إعفاء الخبراء المقيدين بالجدول من حلف اليمين اكتفاء باليمين التي حلفوها عند القيد وأخذ قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادرة في سنة 1949 في المادة (229) منه بما جاء في المادة (225) المعدلة حيث نص على تحليف الخبير الغير مقيد اسمه بالجدول اليمين أمام قاضي الأمور الوقتية في كل مرة يندب فيها لأداء مأمورية ما.
ولما أن صدر المرسوم بقانون رقم (96) لسنة 1952 بتنظيم الخبرة أمام جهات القضاء نص في المادة (48) منه على أنه (استثناءً من أحكام المادة (229) من قانون المرافعات للمواد المدنية والتجارية يحلف خبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي قبل مزاولة أعمال وظائفهم يمينًا أمام إحدى دوائر محاكم الاستئناف بأن يؤدوا هذه الأعمال بالذمة والصدق) بمعنى أنه يكتفي بالنسبة لخبراء الجدول وخبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي بحلف يمين واحدة قبل مزاولتهم لأعمال وظائفهم تسري على جميع الأعمال التي يندبون لها بعد استلامهم لأعمال وظائفهم أما بالنسبة لغير خبراء الجدول ووزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي فيجب تحليف الخبير اليمين في كل مرة يندب فيها لأداء عمل معين.
وللتمييز بين الخبراء الواجب تحليفهم اليمين بمعرفة سلطة التحقيق أو المحكمة من كل مرة يندبون فيها لأداء مأمورية معينة وغيرهم من الخبراء الذين حلفوا اليمين قبل مزاولتهم لأعمال وظائفهم يجب التأكد من أمر قيد الخبير بالجدول أو كونه من خبراء وزارة العدل أو مصلحة الطب الشرعي فإن ثبت أنه ليس من هؤلاء وجب تحليفه اليمين قبل البدء في تنفيذ المأمورية المندوب لها حتى ولو كان من الموظفين التابعين لإحدى المصالح المعهود إليها بأعمال الخبرة والمصرح لهم بأدائها بعد حلف يمين واحدة كمفتشي الصحة الذين سبق لهم حلف اليمين أمام رئيس محكمة الاستئناف لأن قانون الخبراء الجديد حدد الخبراء الذين يحلفون يمينًا واحدة سواء أكانوا من خبراء الجدول أو الخبراء الموظفين وقضى في المادة (61) منه بإلغاء كل نص يخالف أحكامه ومن ثم تسقط القوانين أو القرارات التي كانت تقضي بتحليف الموظفين يمينًا واحدة تسري على كل ما يندبون له من أعمال.
وأخذًا بما تقدم يجب تحليف مفتش الصحة وأطباء المستشفيات بما فيها مستشفى الأمراض العقلية وموظفي إدارة تحقيق الشخصية اليمين قبل البدء في تنفيذ ما يندبون له من مأموريات.
وغني عن الذكر أنه يجب تحليف خبراء الجدول وخبراء وزارة العدل ومصلحة الطب الشرعي يمين الشهادة إن دعوا لتأدية الشهادة أمام سلطة التحقيق أو المحكمة.
ولقد كان نص المادة (86) من قانون الإجراءات الجنائية مدعاة لتردد البعض في القول بوجوب تحليف خبراء مصلحة الطب الشرعي ومن إليهم ممن كان قد صدرت في شأنهم قرارات بتحليفهم يمينًا واحدة تسري على كل المأموريات التي يندبون لها ونرى أنه لم يكن هناك محل لهذا التردد لأن نص قانون الإجراءات المشار إليه يطابق النصوص الواردة في قانون تحقيق الجنايات الملغى ولأن القانون رقم (75) لسنة 1933 الذي أباح الاكتفاء بيمين واحدة وأعطى لوزير العدل حق إصدار قرارات بتطبيق هذه القاعدة على الخبراء الموظفين لم يلغَ إلا في يونيو سنة 952 بمقتضى المرسوم بقانون رقم (96) سنة 952 الذي أورد القواعد التي فصلناها فيما سبق ومن ثم لم يكن هناك ما يدعو لتحليف خبراء الجدول أو الخبراء الموظفين الذين صدرت في شأنهم قرارات تطبيقًا للمادة (11) من القانون رقم (75) سنة 933 اليمين عند ندبهم بمعرفة سلطة التحقيق أو المحكمة لتأدية مأمورية ما.
4 - الآثار المترتبة على عدم حلف الخبراء اليمين:
لم ينص قانون الإجراءات الجنائية كسلفه قانون تحقيق الجنايات الملغى على بطلان أعمال الخبير الذي لا يحلف يمينًا بأن يؤدي الأعمال المندوب لها بالذمة والصدق ولكن الذي استقر عليه الفقه والقضاء أن حلف اليمين يعتبر من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها اعتبار أعمال الخبير وتقريره من قبيل الاستدلالات المفيدة التي يجوز للمحكمة الأخذ بها أو طرحها جانبًا كما حكم بأنه إذا دفع المتهم ببطلان تقرير الخبير ومحاضر أعماله لعدم حلفه اليمين عند ندبه من قبل النيابة العامة للقيام بمأموريته وأغفلت المحكمة الرد على هذا الدفع واعتمدت في الوقت ذاته على هذا التقرير في إثبات التهمة المسندة إليه فهذا يعيب الحكم عيبًا جوهريًا يستلزم نقضه (مجموعة القواعد القانونية لمحمود عمر الجزء الرابع قاعدة 53 صـ 52).
ولقد أخذ قانون الإجراءات في المادة (331) منه بما استقر عليه قضاء المحاكم من حيث أوجه البطلان فنصت المادة (331) على (أنه يترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري) ثم قالت المادة (332) (إذا كان البطلان راجعًا لعدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بتشكيل المحكمة أو بولايتها بالحكم في الدعوى أو باختصاصها من حيث نوع الجريمة المعروضة عليها أو بغير ذلك مما هو متعلق بالنظام العام جاز التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى وتقضي به المحكمة ولو بغير طلب)، ثم أضافت المادة (333) (في غير الأحوال المشار إليها في المادة السابقة يسقط الحق في الدفع ببطلان الإجراءات الخاصة بجمع الاستدلالات أو التحقيق الابتدائي أو التحقيق بالجلسة في الجنح والجنايات إذا كان للمتهم محامٍ وحصل الإجراء بحضوره بدون اعتراض منه أما في مواد المخالفات فيعتبر الإجراء صحيحًا إذا لم يعترض عليه المتهم ولو لم يحضر معه محامٍ بالجلسة وكذلك يسقط حق الدفع بالبطلان بالنسبة للنيابة العامة إذا لم تتمسك به في حينه).
والبطلان الناشئ عن عدم تحليف الخبير اليمين لا يعتبر من النظام العام ومن ثم فلا يمكن التمسك به في أية حالة كانت عليها الدعوى ولا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، وطبقًا لنص المادة (333) يسقط الحق في الدفع به في الجنايات والجنح إذا كان للمتهم محامٍ وحصل الإجراء بحضوره وبدون اعتراض منه فإذا ما أصدر قاضي التحقيق أمرًا بندب خبير من غير خبراء الجدول أو وزارة العدل أو مصلحة الطب الشرعي في جناية أو جنحة للمتهم فيها محامٍ وأغفل القاضي تحليف الخبير اليمين ثم باشر الخبير مأموريته بحضور المحامي وبدون اعتراض منه سقط الحق في التمسك بالدفع ببطلان أعمال الخبير باعتبارها من إجراءات التحقيق الابتدائي.
رد: ندب الخبراء في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
كيفية أداء الخبراء للمأموريات التي يندبون لها:
يجب على الخبير أن يؤدي مأموريته ويقدم تقريره في زمن لائق يختلف في الطول والقصر حسب المأمورية المندوب لها وما تتطلبه من سرعة أو تحتمله من تأخير والأصل في المأموريات التي تصدر من سلطة التحقيق أن تنفذ بغاية السرعة وأن يقدم التقرير عنها في وقت قريب لاتصالها بحياة الناس وأرواحهم ولأن العدالة توجب على المحقق إنجاز التحقيقات والتصرف فيها بسرعة فائقة وتنفيذًا لذلك نصت المادة (87) إجراءات على أن لقاضي التحقيق أن يحدد ميعادًا للخبير ليقدم تقريره فيه فإذا لم يقدمه في الموعد المحدد جاز له أن يستبدل به خبيرًا آخر، ولقد أوجب قانون الخبراء الجديد على السلطة التحقيق والمحاكم أن تندب مكتب الخبراء بوزارة العدل أو قسم الطب الشرعي المختص دون تحديد لاسم خبير معين باعتبار أن المكتب أو القسم وحده يقع الندب عليها ليكون كل منهما مسؤولاً عن عمل الخبراء التابعين له ومهيمنًا على توزيع العمل فيما بينهم وليكون في إشراف المكتب أو القسم ما يكفل سلامة الإرشاد وحسن التوجيه (تراجع المذكرة التفسيرية للقانون) فإذا ما اختار المكتب أو القسم خبيرًا معينًا أخطر باسمه الجهة النادبة في الثماني وأربعين ساعة التالية للإخطار بالندب إلا في الحالات المستعجلة فيكون الإخطار على وجه السرعة كما لو ندب أحد أقسام الطب الشرعي لتشريح جثة القتيل فعليه الإسراع بتقديم اسم الطبيب الذي أحيلت إليه المأمورية وإخطار جهة التحقيق بذلك.
فإذا ما صدر الندب لخبير معين أو اختار المكتب أو القسم الخبير وجب عليه البدء فورًا في تنفيذ المأمورية في الحالات العاجلة وأن يتخذ اللازم لتنفيذها في موعد قريب لا يتجاوز خمسة عشر يومًا في الحالات الأخرى وعليه أن يخطر الخصوم في الحالة الأخيرة وله دائمًا أن يؤدي مأموريته في الموعد المحدد ولو لم يحضروا.
ولا يجوز للخبير الذي لم يتنحَ عن أداء المأمورية ولم يرده الخصوم أن ينيب عنه غيره في أداء ما ندب له إلا أنه لا يوجد ما يمنعه من أن يعهد لشخص آخر بعمل مادي لا ينطوي على شيء من إبداء الرأي كما لو ندب طبيب لفحص حالة مصاب وتقدير أن كان قد شفي بدون عاهة من عدمه ومدى العاهة إن جدت فطلب من أحد الأطباء المختصين بأمراض العيون أو الأذن فحص قاع العين أو حالة الأذن.
وللخبير دائمًا حق الاطلاع على الأوراق وإجراء المعاينات ومشاهدة الأشياء المضبوطة وكل ما يتصل بالمأمورية ويساعد على إبداء الرأي فيها.
(د) تقارير الخبراء:
نصت المادة (29) إجراءات على أن لمأموري الضبط القضائي أن يطلبوا رأي أهل الخبرة الذين استعانوا بهم كتابة أو شفاها، أما المادة (86) إجراءات فألزمت الخبراء المنتدبين من قبل قاضي التحقيق بتقديم تقاريرهم كتابةً وأجازت المادة (245) مرافعات للمحكمة أن تعين خبيرًا لإبداء رأيه شفاهةً بالجلسة بدون تقديم تقرير كتابي على أن يثبت رأيه في محضر الجلسة، ويؤخذ من مجموع هذه النصوص أنه وإن كان الأصل أن يقدم الخبراء تقارير كتابية عن المأموريات المنتدبين لها فلا يوجد قانونًا ما يمنع سلطة التحقيق أو المحاكم من أخذ رأيهم شفاهة على أن يثبت هذا الرأي بمحاضر التحقيق أو الجلسات.
وقد أبان المشرع طريقة إيداع التقارير من خبراء وزارة العدل أو مصلحة الطب الشرعي فنص في المادة (54) من قانون الخبراء الجديد على أنهم يقدمون تقاريرهم إلى المكتب أو القسم التابعين له مصحوبًا بمحاضر أعمالهم وجميع المستندات التي سلمت إليهم ثم يتولى المكتب أو القسم إيداع التقرير ومرفقاته قلم كتاب المحكمة الذي عليه إخطار الخصوم بهذا الإيداع في الأربع وعشرين ساعة التالية لحصوله بكتاب موصى عليه فإذا كان الندب لخبراء الجدول أو غيرهم فقانون المرافعات هو الذي تكفل ببيان كيفية إيداع التقارير المقدمة منهم في المادة (241) منه فألزم الخبير إيداع التقارير ومحاضر الأعمال والمستندات التي كانت قد سلمت إليه قلم كتاب المحكمة التي ندبته أو قلم كتاب أقرب محكمة له إن كان مقر المحكمة المنظورة أمامها الدعوى بعيدًا عن محل إقامته وعليه في الحالين إخبار الخصوم بكتاب موصى عليه بالإيداع في الأربع وعشرين ساعة التالية لحصوله.
ويجب أن يشتمل تقرير الخبير:
أولاً: على اسمه وبيان المأمورية التي كُلف بها نقلاً عن الأمر أو الحكم الصادر بذلك ووصف ما سلم إليه من الإحراز أو الأشياء المضبوطة وما اطلع عليه من مذكرات أو أوراق... إلخ.
وثانيًا: بيان جميع الإجراءات والمباحث والتحقيقات التي أجراها والإيضاحات التي طلبها من الخصوم........ إلخ، وأخير رأيه في المسألة أو المسائل التي ندب لها والأسانيد التي اعتمد عليها في إبداء هذا الرأي.
وللخصوم ووكلائهم الاطلاع على التقارير المودعة وإبداء ما يرون إبداءه بشأنها ولهم بعد ذلك الاستعانة بخبير استشاري يمكنه من الاطلاع على الأوراق وسائر ما سبق تقديمه للخبير المعين من قبل سلطة التحقيق أو المحكمة على ألا يترتب على ذلك تأخير السير في الدعوى.
قيمة تقرير الخبير:
نصت المادة (246) مرافعات على أن (رأي الخبير لا يقيد المحكمة)، وإذا كان تقرير الخبير في المسائل المدنية المحددة وسائل الإثبات لا تقيد المحكمة فمن الطبيعي أنه لا تقيد المحاكم الجنائية التي لها مطلق الحرية في تقدير الأدلة المقدمة لها تقديرًا يؤدي إلى إقناعها بإدانة أو براءة الجاني فهي لا تتقيد مطلقًا بتقارير أهل الخبرة ولها أن تختار منها ما ترى الأخذ به وأن تفضل تقريرًا على آخر وأن تبحث المسألة بنفسها وتفصل فيها من غير أن تأخذ برأي الخبراء جميعًا كما لها أن تعين خبيرًا أو خبراء آخرين لفحص نفس المسألة الفنية المطلوب إبداء الرأي فيها.
وهذا ما اطردت عليه أحكام محكمة النقض التي أوضحت كل هذه المبادئ في حكمها الصادر في القضية رقم (834) سنة 3 قضائية حيث قالت (إن تقرير الخبير إنما هو نوع من الأدلة التي تقوم في الدعوى لمصلحة أحد طرفي الخصومة فمتى ناقشه الخصوم وأدلى كل منهم برأيه فيه كان للمحكمة أن تأخذ به لمصلحة هذا الفريق أو ذاك أو أن تطرحه ولا تقيم له وزنًا وليس عليها على كل حالٍ أن تنبه الخصوم إلى ما ستأخذ به من الأدلة وما ستطرحه منها فإن تقدير الأدلة من أخص خصائص محكمة الموضوع تقرر فيه ما تره بلا منازع ولا رقيب).
(هـ) رد الخبراء وتنحيهم:
لم يكن قانون تحقيق الجنايات الملغى ينص على جواز رد الخبراء المنتدبين في المواد الجنائية واستقر الفقه والقضاء في مصر على عدم جواز ردهم وأنه لا محل للأخذ في هذه الحالة بالقواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، ولما أن صدر قانون الإجراءات الجنائية قضى في المادة (89) منه الواردة في باب قاضي التحقيق على أنه (للخصوم رد الخبير إذا وجدت أسباب قوية تدعو لذلك، ويقدم طلب الرد إلى قاضي التحقيق للفصل فيه ويجب أن تبين فيه أسباب الرد، وعلى القاضي الفصل فيه في مدة ثلاثة أيام من يوم تقديمه ويترتب على هذا الطلب عدم استمرار الخبير في عمله إلا في حالة الاستعجال بأمر القاضي) كما جاء في المادة (52) من المرسوم بقانون رقم (96) سنة 1952 الخاص بتنظيم الخبرة أمام جهات القضاء أنه إذا أراد أحد الخبراء الموظفين إعفاءه من أداء مأموريته ابتداءً أو في أثناء أدائها وجب عليه أن يقدم طلبًا بذلك إلى رئيس المكتب أو القسم أو المصلحة خلال الثلاثة أيام التالية لتكليفه أداء المأمورية ويبلغ الرئيس هذا الطلب في اليوم التالي على الأكثر الجهة القضائية التي أصدرت الحكم بندبه مشفوعًا برأيه، فإذا قبل الطلب ندبت الجهة القضائية خبيرًا آخر أو أعادت المأمورية للمكتب أو القسم أو المصلحة لتكليف خبير آخر أدائها)، وقالت المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون تعليقًا على هذا النص إنه نص مستحدث وأنه خاص ببيان ما يتبع في حالة تنحي الخبراء الموظفين أما بالنسبة لمن عداهم من الخبراء فقانون المرافعات هو الكفيل ببيان الإجراءات الخاصة بنظر طلبات الإعفاء من أداء المأمورية والفصل فيه وأن التنحي وإجراءاته لا تسري في حالة صدور قرار من النيابة بندب أهل الخبرة لأن قرارات النيابة وأوامرها لا تعتبر أحكامًا فضلاً عن ضرورة تنفيذها بصفة عاجلة لا تحتمل إجراءات التنحي.
والذي يخلص مما تقدم أن يجوز للخبير المنتدب أن يطلب من تلقاء نفسه إعفاءه من أداء المأمورية المطلوب منه أداؤها كما أن للخصوم أن يردوه عن هذا الأداء وتختلف الإجراءات التي تتبع عند نظر طلب الإعفاء أو التنحي عن الإجراءات الواجب العمل بها في تقديم طلب الرد وتحقيقه والفصل فيه.
يجب على الخبير أن يؤدي مأموريته ويقدم تقريره في زمن لائق يختلف في الطول والقصر حسب المأمورية المندوب لها وما تتطلبه من سرعة أو تحتمله من تأخير والأصل في المأموريات التي تصدر من سلطة التحقيق أن تنفذ بغاية السرعة وأن يقدم التقرير عنها في وقت قريب لاتصالها بحياة الناس وأرواحهم ولأن العدالة توجب على المحقق إنجاز التحقيقات والتصرف فيها بسرعة فائقة وتنفيذًا لذلك نصت المادة (87) إجراءات على أن لقاضي التحقيق أن يحدد ميعادًا للخبير ليقدم تقريره فيه فإذا لم يقدمه في الموعد المحدد جاز له أن يستبدل به خبيرًا آخر، ولقد أوجب قانون الخبراء الجديد على السلطة التحقيق والمحاكم أن تندب مكتب الخبراء بوزارة العدل أو قسم الطب الشرعي المختص دون تحديد لاسم خبير معين باعتبار أن المكتب أو القسم وحده يقع الندب عليها ليكون كل منهما مسؤولاً عن عمل الخبراء التابعين له ومهيمنًا على توزيع العمل فيما بينهم وليكون في إشراف المكتب أو القسم ما يكفل سلامة الإرشاد وحسن التوجيه (تراجع المذكرة التفسيرية للقانون) فإذا ما اختار المكتب أو القسم خبيرًا معينًا أخطر باسمه الجهة النادبة في الثماني وأربعين ساعة التالية للإخطار بالندب إلا في الحالات المستعجلة فيكون الإخطار على وجه السرعة كما لو ندب أحد أقسام الطب الشرعي لتشريح جثة القتيل فعليه الإسراع بتقديم اسم الطبيب الذي أحيلت إليه المأمورية وإخطار جهة التحقيق بذلك.
فإذا ما صدر الندب لخبير معين أو اختار المكتب أو القسم الخبير وجب عليه البدء فورًا في تنفيذ المأمورية في الحالات العاجلة وأن يتخذ اللازم لتنفيذها في موعد قريب لا يتجاوز خمسة عشر يومًا في الحالات الأخرى وعليه أن يخطر الخصوم في الحالة الأخيرة وله دائمًا أن يؤدي مأموريته في الموعد المحدد ولو لم يحضروا.
ولا يجوز للخبير الذي لم يتنحَ عن أداء المأمورية ولم يرده الخصوم أن ينيب عنه غيره في أداء ما ندب له إلا أنه لا يوجد ما يمنعه من أن يعهد لشخص آخر بعمل مادي لا ينطوي على شيء من إبداء الرأي كما لو ندب طبيب لفحص حالة مصاب وتقدير أن كان قد شفي بدون عاهة من عدمه ومدى العاهة إن جدت فطلب من أحد الأطباء المختصين بأمراض العيون أو الأذن فحص قاع العين أو حالة الأذن.
وللخبير دائمًا حق الاطلاع على الأوراق وإجراء المعاينات ومشاهدة الأشياء المضبوطة وكل ما يتصل بالمأمورية ويساعد على إبداء الرأي فيها.
(د) تقارير الخبراء:
نصت المادة (29) إجراءات على أن لمأموري الضبط القضائي أن يطلبوا رأي أهل الخبرة الذين استعانوا بهم كتابة أو شفاها، أما المادة (86) إجراءات فألزمت الخبراء المنتدبين من قبل قاضي التحقيق بتقديم تقاريرهم كتابةً وأجازت المادة (245) مرافعات للمحكمة أن تعين خبيرًا لإبداء رأيه شفاهةً بالجلسة بدون تقديم تقرير كتابي على أن يثبت رأيه في محضر الجلسة، ويؤخذ من مجموع هذه النصوص أنه وإن كان الأصل أن يقدم الخبراء تقارير كتابية عن المأموريات المنتدبين لها فلا يوجد قانونًا ما يمنع سلطة التحقيق أو المحاكم من أخذ رأيهم شفاهة على أن يثبت هذا الرأي بمحاضر التحقيق أو الجلسات.
وقد أبان المشرع طريقة إيداع التقارير من خبراء وزارة العدل أو مصلحة الطب الشرعي فنص في المادة (54) من قانون الخبراء الجديد على أنهم يقدمون تقاريرهم إلى المكتب أو القسم التابعين له مصحوبًا بمحاضر أعمالهم وجميع المستندات التي سلمت إليهم ثم يتولى المكتب أو القسم إيداع التقرير ومرفقاته قلم كتاب المحكمة الذي عليه إخطار الخصوم بهذا الإيداع في الأربع وعشرين ساعة التالية لحصوله بكتاب موصى عليه فإذا كان الندب لخبراء الجدول أو غيرهم فقانون المرافعات هو الذي تكفل ببيان كيفية إيداع التقارير المقدمة منهم في المادة (241) منه فألزم الخبير إيداع التقارير ومحاضر الأعمال والمستندات التي كانت قد سلمت إليه قلم كتاب المحكمة التي ندبته أو قلم كتاب أقرب محكمة له إن كان مقر المحكمة المنظورة أمامها الدعوى بعيدًا عن محل إقامته وعليه في الحالين إخبار الخصوم بكتاب موصى عليه بالإيداع في الأربع وعشرين ساعة التالية لحصوله.
ويجب أن يشتمل تقرير الخبير:
أولاً: على اسمه وبيان المأمورية التي كُلف بها نقلاً عن الأمر أو الحكم الصادر بذلك ووصف ما سلم إليه من الإحراز أو الأشياء المضبوطة وما اطلع عليه من مذكرات أو أوراق... إلخ.
وثانيًا: بيان جميع الإجراءات والمباحث والتحقيقات التي أجراها والإيضاحات التي طلبها من الخصوم........ إلخ، وأخير رأيه في المسألة أو المسائل التي ندب لها والأسانيد التي اعتمد عليها في إبداء هذا الرأي.
وللخصوم ووكلائهم الاطلاع على التقارير المودعة وإبداء ما يرون إبداءه بشأنها ولهم بعد ذلك الاستعانة بخبير استشاري يمكنه من الاطلاع على الأوراق وسائر ما سبق تقديمه للخبير المعين من قبل سلطة التحقيق أو المحكمة على ألا يترتب على ذلك تأخير السير في الدعوى.
قيمة تقرير الخبير:
نصت المادة (246) مرافعات على أن (رأي الخبير لا يقيد المحكمة)، وإذا كان تقرير الخبير في المسائل المدنية المحددة وسائل الإثبات لا تقيد المحكمة فمن الطبيعي أنه لا تقيد المحاكم الجنائية التي لها مطلق الحرية في تقدير الأدلة المقدمة لها تقديرًا يؤدي إلى إقناعها بإدانة أو براءة الجاني فهي لا تتقيد مطلقًا بتقارير أهل الخبرة ولها أن تختار منها ما ترى الأخذ به وأن تفضل تقريرًا على آخر وأن تبحث المسألة بنفسها وتفصل فيها من غير أن تأخذ برأي الخبراء جميعًا كما لها أن تعين خبيرًا أو خبراء آخرين لفحص نفس المسألة الفنية المطلوب إبداء الرأي فيها.
وهذا ما اطردت عليه أحكام محكمة النقض التي أوضحت كل هذه المبادئ في حكمها الصادر في القضية رقم (834) سنة 3 قضائية حيث قالت (إن تقرير الخبير إنما هو نوع من الأدلة التي تقوم في الدعوى لمصلحة أحد طرفي الخصومة فمتى ناقشه الخصوم وأدلى كل منهم برأيه فيه كان للمحكمة أن تأخذ به لمصلحة هذا الفريق أو ذاك أو أن تطرحه ولا تقيم له وزنًا وليس عليها على كل حالٍ أن تنبه الخصوم إلى ما ستأخذ به من الأدلة وما ستطرحه منها فإن تقدير الأدلة من أخص خصائص محكمة الموضوع تقرر فيه ما تره بلا منازع ولا رقيب).
(هـ) رد الخبراء وتنحيهم:
لم يكن قانون تحقيق الجنايات الملغى ينص على جواز رد الخبراء المنتدبين في المواد الجنائية واستقر الفقه والقضاء في مصر على عدم جواز ردهم وأنه لا محل للأخذ في هذه الحالة بالقواعد المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية، ولما أن صدر قانون الإجراءات الجنائية قضى في المادة (89) منه الواردة في باب قاضي التحقيق على أنه (للخصوم رد الخبير إذا وجدت أسباب قوية تدعو لذلك، ويقدم طلب الرد إلى قاضي التحقيق للفصل فيه ويجب أن تبين فيه أسباب الرد، وعلى القاضي الفصل فيه في مدة ثلاثة أيام من يوم تقديمه ويترتب على هذا الطلب عدم استمرار الخبير في عمله إلا في حالة الاستعجال بأمر القاضي) كما جاء في المادة (52) من المرسوم بقانون رقم (96) سنة 1952 الخاص بتنظيم الخبرة أمام جهات القضاء أنه إذا أراد أحد الخبراء الموظفين إعفاءه من أداء مأموريته ابتداءً أو في أثناء أدائها وجب عليه أن يقدم طلبًا بذلك إلى رئيس المكتب أو القسم أو المصلحة خلال الثلاثة أيام التالية لتكليفه أداء المأمورية ويبلغ الرئيس هذا الطلب في اليوم التالي على الأكثر الجهة القضائية التي أصدرت الحكم بندبه مشفوعًا برأيه، فإذا قبل الطلب ندبت الجهة القضائية خبيرًا آخر أو أعادت المأمورية للمكتب أو القسم أو المصلحة لتكليف خبير آخر أدائها)، وقالت المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون تعليقًا على هذا النص إنه نص مستحدث وأنه خاص ببيان ما يتبع في حالة تنحي الخبراء الموظفين أما بالنسبة لمن عداهم من الخبراء فقانون المرافعات هو الكفيل ببيان الإجراءات الخاصة بنظر طلبات الإعفاء من أداء المأمورية والفصل فيه وأن التنحي وإجراءاته لا تسري في حالة صدور قرار من النيابة بندب أهل الخبرة لأن قرارات النيابة وأوامرها لا تعتبر أحكامًا فضلاً عن ضرورة تنفيذها بصفة عاجلة لا تحتمل إجراءات التنحي.
والذي يخلص مما تقدم أن يجوز للخبير المنتدب أن يطلب من تلقاء نفسه إعفاءه من أداء المأمورية المطلوب منه أداؤها كما أن للخصوم أن يردوه عن هذا الأداء وتختلف الإجراءات التي تتبع عند نظر طلب الإعفاء أو التنحي عن الإجراءات الواجب العمل بها في تقديم طلب الرد وتحقيقه والفصل فيه.
طلب الإعفاء أو التنحي
( أ ) متى يجوز طلب الإعفاء:
أول ما يجب ملاحظته أنه لم يرد بقانون الإجراءات الجنائية أي نص عن إعفاء الخبير من أداء المأمورية المنتدب لأدائها وأن النصوص الخاصة بذلك واردة في قانوني الخبراء والمرافعات وأنه جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون الأول أن إجراءات التنحي أو الإعفاء لا تسري في الحالة التي يكون الندب فيها من النيابة لأن هذه الإجراءات لا تكون إلا في حالة صدور حكم بالندب وقرارات النيابة وأوامرها لا تعتبر أحكامًا فضلاً عن أن طبيعتها تستلزم التنفيذ العاجل الذي لا يحتمل هذه الإجراءات فهل يمكن للخبير المنتدب من قاضي التحقيق أو المحكمة الجنائية أن يطلب إعفاءه من أداء المأمورية وهل لا يمكن للخبير المنتدب من النيابة العامة التنحي أو طلب الإعفاء.
لا نزاع في أنه للخبير المنتدب من المحكمة الجنائية الحق في طلب إعفائه من أداء المأمورية التي ندب لأدائها لعمومية نص المادة (52) من قانون الخبراء ولأن ندبه يكون بحكم تمهيدي أو تحضيري ولانتفاء صفة الاستعجال في المأموريات التي تطلبها المحاكم.
أما بالنسبة للخبراء المنتدبين من قضاة التحقيق أو رجال النيابة العامة فإنا نرى أنه لا يوجد قانونًا ما يمنعهم من طلب الإعفاء من أداء المأموريات المنتدبين لها رغم أن الأوامر التي تصدر بانتدابهم من سلطة التحقيق لا تعتبر من قبيل الأوامر القضائية أو الأحكام ورغم ما جاء بالمذكرة الإيضاحية المشار إليها آنفًا وكل ما هنالك أنه يجب على الخبير المنتدب أن يطلب إعفاءه فور وصول الندب إليه لما تتطلبه أعمال التحقيق من سرعة قد يترتب على فواتها تضييع معالم الجريمة أو صعوبة الوصول إلى الحقيقة فيها، ولا يمكن للخبير أن يتمسك بالمدة الواردة في المادة (52) من قانون الخبراء أو غيرها لأن المشرع إنما قصد بتحديد هذه المدة الحالات العادية التي لا تضار كثيرًا من التأخير في أداء المأمورية ومما يؤكد إمكان تنحي الخبير أن المشرع نفسه أعطى للخصوم حق رد الخبير المنتدب من سلطة التحقيق كما أعطى لقاضي التحقيق الحق في أن يطلب من الخبير المردود الاستمرار في أداء المأمورية المطلوب منه أداؤها ومقدرًا في تقرير ذلك السرعة اللازمة في إنجاز التحقيقات في الدور الابتدائي من الدعوى كما أن ذات المذكرة التفسيرية تشير في نهايتها إلى إمكان تصور تنحي الخبير المنتدب من النيابة العامة بقولها إنه يمكن معالجة المر إداريًا داخل المكاتب أو الأقسام.
وإذا كنا نرى أخذًا بما استقر عليه العمل جواز طلب الخبراء المنتدبين من سلطة التحقيق أو النيابة العامة إعفائهم من أداء المأموريات المنتدبين لها فإنا نرى من الناحية الأخرى أنه لا يجوز لهم التنحي إلا في حالات الضرورة القصوى وفي الحالات التي يكون المستحيل عليهم أداء المأموريات المطلوب منهم أداؤها وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بتشريح جثث القتلى أو رفع آثار الجناة الموجودة بمحل الحادث وغيرها من الحالات التي توجب الاستعجال فإذا ما انتفى المانع القهري كان تصرفهم معيبًا موجبًا للمؤاخذة الإدارية.
(ب) الإجراءات التي تتبع في طلب الإعفاء:
يجب التفرقة بين الإجراءات التي يتعين اتباعها في حالة اعتذار الخبراء المنتدبين من سلطة التحقيق والنيابة العامة وبين الإجراءات التي تتبع في حالة التنحي أمام المحاكم الجنائية فليس للاعتذار في الحالة الأولى شكل خاص ويجب إبداؤه بأسرع ما يمكن كأن يكون ذلك عن طريق المحادثات التليفونية أو الرسائل البرقية وما شابههما من الإجراءات السريعة وعلى النيابة العامة أو قاضي التحقيق الفصل فورًا في الطلب برفضه أو بانتداب خبير آخر ولهما مطلق الحرية في تقدير جدية أو عدم جدية أسباب التنحي.
ولبيان الإجراءات التي يجب اتباعها في تقديم طلب الإعفاء إلى المحاكم الجنائية والفصل فيه يلزم التفرقة بين ما إذا كان الخبير طالب الإعفاء من الخبراء الموظفين أو غيرهم فإذا كان الطلب من خبير موظف وجب عليه تقديم الطلب لرئيس المكتب أو القسم أو المصلحة خلال الثلاثة أيام التالية لتكليفه أداء المأمورية وعلى الرئيس أن يرسله إلى الجهة التي أصدرت الحكم بالندب مشفوعًا برأيه فإذا ما قبل الطلب ندبت الجهة المذكورة خبيرًا غيره أو أعادت المأمورية للمكتب أو القسم أو المصلحة لتكليف خبير آخر بمباشرة المأمورية على أنه يمكن معالجة الأمر إداريًا داخل المكاتب وأقسام الطب الشرعي لأنه طبقًا لنصوص القانون يلزم أن يكون الندب لها وأن تتولى هي توزيع المأموريات على موظفيها فإذا كان طلب الإعفاء من خبير غير موظف كخبراء الجدول أو غيرهم وجب عليه تقديم الطلب في خلال الخمسة أيام التالية لتسليمه صورة الحكم بالندب للجهة القضائية التي أصدرت الحكم بالندب ولهذه الجهة أن تعفيه من أداء المأمورية إذا رأت أن الأسباب التي أبداها لذلك مقبولة وإلا رفضت الطلب وعلى الخبير في هذه الحالة الأخيرة أن يباشر المأمورية وإلا جاز للمحكمة أن تحكم عليه بالمصاريف والتعويضات وذلك بدون إخلال بالجزاءات التأديبية (تراجع المادة (230) مرافعات).
أول ما يجب ملاحظته أنه لم يرد بقانون الإجراءات الجنائية أي نص عن إعفاء الخبير من أداء المأمورية المنتدب لأدائها وأن النصوص الخاصة بذلك واردة في قانوني الخبراء والمرافعات وأنه جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون الأول أن إجراءات التنحي أو الإعفاء لا تسري في الحالة التي يكون الندب فيها من النيابة لأن هذه الإجراءات لا تكون إلا في حالة صدور حكم بالندب وقرارات النيابة وأوامرها لا تعتبر أحكامًا فضلاً عن أن طبيعتها تستلزم التنفيذ العاجل الذي لا يحتمل هذه الإجراءات فهل يمكن للخبير المنتدب من قاضي التحقيق أو المحكمة الجنائية أن يطلب إعفاءه من أداء المأمورية وهل لا يمكن للخبير المنتدب من النيابة العامة التنحي أو طلب الإعفاء.
لا نزاع في أنه للخبير المنتدب من المحكمة الجنائية الحق في طلب إعفائه من أداء المأمورية التي ندب لأدائها لعمومية نص المادة (52) من قانون الخبراء ولأن ندبه يكون بحكم تمهيدي أو تحضيري ولانتفاء صفة الاستعجال في المأموريات التي تطلبها المحاكم.
أما بالنسبة للخبراء المنتدبين من قضاة التحقيق أو رجال النيابة العامة فإنا نرى أنه لا يوجد قانونًا ما يمنعهم من طلب الإعفاء من أداء المأموريات المنتدبين لها رغم أن الأوامر التي تصدر بانتدابهم من سلطة التحقيق لا تعتبر من قبيل الأوامر القضائية أو الأحكام ورغم ما جاء بالمذكرة الإيضاحية المشار إليها آنفًا وكل ما هنالك أنه يجب على الخبير المنتدب أن يطلب إعفاءه فور وصول الندب إليه لما تتطلبه أعمال التحقيق من سرعة قد يترتب على فواتها تضييع معالم الجريمة أو صعوبة الوصول إلى الحقيقة فيها، ولا يمكن للخبير أن يتمسك بالمدة الواردة في المادة (52) من قانون الخبراء أو غيرها لأن المشرع إنما قصد بتحديد هذه المدة الحالات العادية التي لا تضار كثيرًا من التأخير في أداء المأمورية ومما يؤكد إمكان تنحي الخبير أن المشرع نفسه أعطى للخصوم حق رد الخبير المنتدب من سلطة التحقيق كما أعطى لقاضي التحقيق الحق في أن يطلب من الخبير المردود الاستمرار في أداء المأمورية المطلوب منه أداؤها ومقدرًا في تقرير ذلك السرعة اللازمة في إنجاز التحقيقات في الدور الابتدائي من الدعوى كما أن ذات المذكرة التفسيرية تشير في نهايتها إلى إمكان تصور تنحي الخبير المنتدب من النيابة العامة بقولها إنه يمكن معالجة المر إداريًا داخل المكاتب أو الأقسام.
وإذا كنا نرى أخذًا بما استقر عليه العمل جواز طلب الخبراء المنتدبين من سلطة التحقيق أو النيابة العامة إعفائهم من أداء المأموريات المنتدبين لها فإنا نرى من الناحية الأخرى أنه لا يجوز لهم التنحي إلا في حالات الضرورة القصوى وفي الحالات التي يكون المستحيل عليهم أداء المأموريات المطلوب منهم أداؤها وخاصة إذا كان الأمر يتعلق بتشريح جثث القتلى أو رفع آثار الجناة الموجودة بمحل الحادث وغيرها من الحالات التي توجب الاستعجال فإذا ما انتفى المانع القهري كان تصرفهم معيبًا موجبًا للمؤاخذة الإدارية.
(ب) الإجراءات التي تتبع في طلب الإعفاء:
يجب التفرقة بين الإجراءات التي يتعين اتباعها في حالة اعتذار الخبراء المنتدبين من سلطة التحقيق والنيابة العامة وبين الإجراءات التي تتبع في حالة التنحي أمام المحاكم الجنائية فليس للاعتذار في الحالة الأولى شكل خاص ويجب إبداؤه بأسرع ما يمكن كأن يكون ذلك عن طريق المحادثات التليفونية أو الرسائل البرقية وما شابههما من الإجراءات السريعة وعلى النيابة العامة أو قاضي التحقيق الفصل فورًا في الطلب برفضه أو بانتداب خبير آخر ولهما مطلق الحرية في تقدير جدية أو عدم جدية أسباب التنحي.
ولبيان الإجراءات التي يجب اتباعها في تقديم طلب الإعفاء إلى المحاكم الجنائية والفصل فيه يلزم التفرقة بين ما إذا كان الخبير طالب الإعفاء من الخبراء الموظفين أو غيرهم فإذا كان الطلب من خبير موظف وجب عليه تقديم الطلب لرئيس المكتب أو القسم أو المصلحة خلال الثلاثة أيام التالية لتكليفه أداء المأمورية وعلى الرئيس أن يرسله إلى الجهة التي أصدرت الحكم بالندب مشفوعًا برأيه فإذا ما قبل الطلب ندبت الجهة المذكورة خبيرًا غيره أو أعادت المأمورية للمكتب أو القسم أو المصلحة لتكليف خبير آخر بمباشرة المأمورية على أنه يمكن معالجة الأمر إداريًا داخل المكاتب وأقسام الطب الشرعي لأنه طبقًا لنصوص القانون يلزم أن يكون الندب لها وأن تتولى هي توزيع المأموريات على موظفيها فإذا كان طلب الإعفاء من خبير غير موظف كخبراء الجدول أو غيرهم وجب عليه تقديم الطلب في خلال الخمسة أيام التالية لتسليمه صورة الحكم بالندب للجهة القضائية التي أصدرت الحكم بالندب ولهذه الجهة أن تعفيه من أداء المأمورية إذا رأت أن الأسباب التي أبداها لذلك مقبولة وإلا رفضت الطلب وعلى الخبير في هذه الحالة الأخيرة أن يباشر المأمورية وإلا جاز للمحكمة أن تحكم عليه بالمصاريف والتعويضات وذلك بدون إخلال بالجزاءات التأديبية (تراجع المادة (230) مرافعات).
طلب الرد
( أ ) متى يجوز رد الخبراء:
أجاز قانون الإجراءات الجنائية في المادة (89) رد الخبراء المنتدبين من قضاة التحقيق وعملاً بنص المادة (199) إجراءات يجوز رد الخبراء المنتدبين من النيابة العامة إذا تولت التحقيق في الجنح والمخالفات، أما الخبراء المنتدبين من النيابة العامة باعتبارها من مأموري الضبط القضائي أو من غيرها من المأمورين فلا يجوز ردهم لأن الرد لا يحصل إلا أمام سلطة تحقيق أي جهة قضائية تكون قادرة على الفصل في الطلب ولأن الإجراءات التي تتخذ من مأموري الضبط القضائي إجراءات مبدئية سريعة لا يجوز لهم فيها تحليف الخبراء اليمين إلا في الحالات التي يخشى فيها من فوات الوقت.
ولم ينص قانون الإجراءات الجنائية في باب المحاكمة على جواز رد الخبراء المنتدبين من المحاكم الجنائية إلا أننا نرى أنه لا محل للشك في جواز ردهم لأنه إذا جاز رد الخبراء المنتدبين من سلطة التحقيق في الدور الابتدائي للدعوى فرد الخبراء المنتدبين من المحاكم جائز من باب أولى حيث لا يكون هناك محل للتخوف أو التضرر من اتخاذ إجراءات الرد لأن الندب في دور التحقيق النهائي يكون في العادة بعد انقضاء زمن طويل على وقوع الجريمة، ويمكن أن نفسر سكوت الشارع عن النص في باب المحاكمة على جواز رد الخبراء بأنه رأى الاكتفاء بتقرير المبدأ العام في باب قاضي التحقيق وبأنه بعد أن قرر هذا المبدأ أراد الإحالة على قواعد الرد في قانون المرافعات للأخذ بها فيما يتعلق بالإجراءات أمام المحاكم الجنائية، ومما يؤكد هذا النظر ما جاء بالمذكرة التفسيرية للمرسوم بقانون المنظم لأعمال الخبرة أمام عموم جهات القضاء أنه رئي فيما يتعلق بأسباب رد الخبراء وإجراءات طلب الرد والفصل فيه الاكتفاء بنصوص قانون المرافعات.
(ب) أسباب رد الخبراء:
لم تحدد المادة (89) إجراءات أسباب الرد واكتفى المشرع بإيراد صيغة عامة بقوله إنه يجوز للخصوم رد الخبير إذا وجدت أسباب قوية تدعو لذلك ومن ثم فلا يمكن التقييد عند طلب رد الخبير المنتدب من قاضي التحقيق أو النيابة العامة عند توليها التحقيق في الجنح بالأسباب الواردة في المادة (231) مرافعات وللخصم أن يطلب رد الخبير إذا وجدت لديه أسباب قوية تدعوه لذلك حتى ولو كانت هذه الأسباب لا تدخل في مدلول الأسباب الواردة في قانون المرافعات وأمر تقدير جدية الأسباب وقوتها متروك في الأصل للخصم طالب الرد ولقاضي التحقيق القول الفصل في تقديرها والقضاء بما يراه.
وإذا كان الخصم غير مقيد بأسباب الرد الواردة في قانون المرافعات فإنه يجوز له الاستئناس بها وأن يستند إلى سبب أو أكثر منها عند تقديم طلب الرد وللمحقق تقديرها واعتبارها من الأسباب القوية الموجبة للرد أو عدم الالتفات إليها ورفض الطلب وذلك لأن المشرع قصد بإيراد النص بالصورة التي ورد بها إعطاءه كثيرًا من حرية التقدير وعدم التقيد بالإجراءات المعتادة ولينسجم تصرفه مع مقتضيات التحقيق وأدبياته وتوكيدًا لذلك أعطي قاضي التحقيق في حالة الاستعجال الحق في الإذن للخبير المردود بالاستمرار في عمله حتى لا تتعطل أعماله بطلبات الخصوم غير الجدية أو تضييع الآثار والمعالم التي قد تتأثر بالتقلبات الجوية أو غيرها.
هذا بالنسبة لدواعي الرد أمام السلطة المختصة بالتحقيق الابتدائي فهل تسري هذه القواعد أمام المحاكم الجنائية وهل لهذه المحاكم نفس الحرية في تقدير أسباب الرد وعدم التقيد بالأسباب الواردة في قانون المرافعات، نرى للأسباب التي سبق أن أجملناها عند الكلام عن حالات الرد أنه يجب على الخصم الذي يطلب رد الخبير المنتدب من المحكمة الجنائية أن يتقيد بأسباب الرد الواردة في المادة (221) مرافعات وعلى المحكمة أن تحقق الأسباب المبداة وأن تقضي في الطلب بالقبول أو الرفض طبقًا لما يظهر لها من قيام أو عدم قيام هذه الأسباب.
(جـ) الإجراءات التي تتبع عند تقديم طلب الرد:
أولاً: الإجراءات أمام سلطة التحقيق:
عمد المشرع إلى عدم تقييد الخصوم عند رد الخبير المنتدب من قاضي التحقيق - بإجراءات الرد المعتادة واكتفى بإلزام طالب الرد بتقديم طلبه إلى قاضي التحقيق مبينًا به أسباب الرد وألزم القاضي بالفصل فيه في مدة ثلاثة أيام من يوم تقديمه، ولا شك أن لقاضي التحقيق كامل الحرية في تحقيق الأسباب الواردة بالطلب وله في سبيل ذلك سؤال الطالب والخبير ومن يرى ضرورة الحصول على إيضاحات منهم بشأن إثبات أو نفي أسباب الرد فإن تبين له بعد التحقيق أن أسباب الرد صحيحة ومقبولة ويخشى معها انحراف الخبير أمر برده وإلا قضى برفض الطلب وحتى لا تتعطل أعمال التحقيق ألزم القاضي بالفصل في الطلب في مدة ثلاثة أيام من يوم تقديمه وأعطى الحق في الإذن للخبير المردود بالاستمرار في عمله في حالات الاستعجال.
وليس للطلب المقدم من طالب الرد شكل خاص أو وسيلة معينة لتقديمه ويكفي لذلك أن يحرر الطالب مذكرة بأسباب الرد يقدمها إلى قاضي التحقيق مباشرةً فيتولى هذا الأخير فحص الطلب وتمحيصه في الميعاد المحدد.
وليس لطالب الرد أو غيره من الخصوم الحق في الطعن في أمر قاضي التحقيق بقبول الطلب أو رفضه بأي طريق من طرق الطعن.
ثانيًا: الإجراءات أمام المحاكم الجنائية:
يحصل طلب الرد بتكليف الخبير الحضور أمام المحكمة التي عينته في الثلاثة أيام التالية لتاريخ الحكم بتعيينه إذا كان هذا الحكم قد صدر بحضور طالب الرد وإلا ففي الثلاثة أيام التالية لإعلان منطوق ذلك الحكم إليه (م 232) مرافعات، وطلب التكليف بالحضور يحصل بإعلان عن يد محضر ويجب أن يكون متضمنًا الأسباب التي بنى عليها طلب الرد ويجب أن تعلن صورته لجميع الخصوم في الدعوى ليتمكنوا من المثول أمام المحكمة وإبداء ما لديهم من أقوال وعلى المحكمة أن تفصل في الطلب على وجه السرعة بعد إجراء ما تراه لازمًا من التحقيقات وسماع أقوال من ترى ضرورة سماع أقوالهم ويترتب على رد الخبير توقفه عن العمل ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر في طلب الرد بأي طريق وإذا حكم برفضه حكم على الطالب بغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تزيد على عشرين جنيهًا ووجب على المحكمة أن تأذن للخبير المردود بمباشرة المأمورية المندوب لها، أما إذا كان الحكم بقبول الطلب وجب تعيين خبير آخر للقيام بالمأمورية بدلاً من الخبير المردود أو أعادت المأمورية للمكتب أو القسم أو المصلحة لتكليف خبير آخر أدائها، وإذا كان الخبير المردود موظفًا أبلغ قلم الكتاب صورة من الحكم إلى مكتب الخبراء أو قسم الطب الشرعي أو المصلحة إذا كان الرد متعلقًا بأحد الخبراء التابعين له وإلى الجهة الرئيسية إذا كان الرد متعلقًا برئيس المكتب أو القسم (م 53) من قانون الخبراء.
أجاز قانون الإجراءات الجنائية في المادة (89) رد الخبراء المنتدبين من قضاة التحقيق وعملاً بنص المادة (199) إجراءات يجوز رد الخبراء المنتدبين من النيابة العامة إذا تولت التحقيق في الجنح والمخالفات، أما الخبراء المنتدبين من النيابة العامة باعتبارها من مأموري الضبط القضائي أو من غيرها من المأمورين فلا يجوز ردهم لأن الرد لا يحصل إلا أمام سلطة تحقيق أي جهة قضائية تكون قادرة على الفصل في الطلب ولأن الإجراءات التي تتخذ من مأموري الضبط القضائي إجراءات مبدئية سريعة لا يجوز لهم فيها تحليف الخبراء اليمين إلا في الحالات التي يخشى فيها من فوات الوقت.
ولم ينص قانون الإجراءات الجنائية في باب المحاكمة على جواز رد الخبراء المنتدبين من المحاكم الجنائية إلا أننا نرى أنه لا محل للشك في جواز ردهم لأنه إذا جاز رد الخبراء المنتدبين من سلطة التحقيق في الدور الابتدائي للدعوى فرد الخبراء المنتدبين من المحاكم جائز من باب أولى حيث لا يكون هناك محل للتخوف أو التضرر من اتخاذ إجراءات الرد لأن الندب في دور التحقيق النهائي يكون في العادة بعد انقضاء زمن طويل على وقوع الجريمة، ويمكن أن نفسر سكوت الشارع عن النص في باب المحاكمة على جواز رد الخبراء بأنه رأى الاكتفاء بتقرير المبدأ العام في باب قاضي التحقيق وبأنه بعد أن قرر هذا المبدأ أراد الإحالة على قواعد الرد في قانون المرافعات للأخذ بها فيما يتعلق بالإجراءات أمام المحاكم الجنائية، ومما يؤكد هذا النظر ما جاء بالمذكرة التفسيرية للمرسوم بقانون المنظم لأعمال الخبرة أمام عموم جهات القضاء أنه رئي فيما يتعلق بأسباب رد الخبراء وإجراءات طلب الرد والفصل فيه الاكتفاء بنصوص قانون المرافعات.
(ب) أسباب رد الخبراء:
لم تحدد المادة (89) إجراءات أسباب الرد واكتفى المشرع بإيراد صيغة عامة بقوله إنه يجوز للخصوم رد الخبير إذا وجدت أسباب قوية تدعو لذلك ومن ثم فلا يمكن التقييد عند طلب رد الخبير المنتدب من قاضي التحقيق أو النيابة العامة عند توليها التحقيق في الجنح بالأسباب الواردة في المادة (231) مرافعات وللخصم أن يطلب رد الخبير إذا وجدت لديه أسباب قوية تدعوه لذلك حتى ولو كانت هذه الأسباب لا تدخل في مدلول الأسباب الواردة في قانون المرافعات وأمر تقدير جدية الأسباب وقوتها متروك في الأصل للخصم طالب الرد ولقاضي التحقيق القول الفصل في تقديرها والقضاء بما يراه.
وإذا كان الخصم غير مقيد بأسباب الرد الواردة في قانون المرافعات فإنه يجوز له الاستئناس بها وأن يستند إلى سبب أو أكثر منها عند تقديم طلب الرد وللمحقق تقديرها واعتبارها من الأسباب القوية الموجبة للرد أو عدم الالتفات إليها ورفض الطلب وذلك لأن المشرع قصد بإيراد النص بالصورة التي ورد بها إعطاءه كثيرًا من حرية التقدير وعدم التقيد بالإجراءات المعتادة ولينسجم تصرفه مع مقتضيات التحقيق وأدبياته وتوكيدًا لذلك أعطي قاضي التحقيق في حالة الاستعجال الحق في الإذن للخبير المردود بالاستمرار في عمله حتى لا تتعطل أعماله بطلبات الخصوم غير الجدية أو تضييع الآثار والمعالم التي قد تتأثر بالتقلبات الجوية أو غيرها.
هذا بالنسبة لدواعي الرد أمام السلطة المختصة بالتحقيق الابتدائي فهل تسري هذه القواعد أمام المحاكم الجنائية وهل لهذه المحاكم نفس الحرية في تقدير أسباب الرد وعدم التقيد بالأسباب الواردة في قانون المرافعات، نرى للأسباب التي سبق أن أجملناها عند الكلام عن حالات الرد أنه يجب على الخصم الذي يطلب رد الخبير المنتدب من المحكمة الجنائية أن يتقيد بأسباب الرد الواردة في المادة (221) مرافعات وعلى المحكمة أن تحقق الأسباب المبداة وأن تقضي في الطلب بالقبول أو الرفض طبقًا لما يظهر لها من قيام أو عدم قيام هذه الأسباب.
(جـ) الإجراءات التي تتبع عند تقديم طلب الرد:
أولاً: الإجراءات أمام سلطة التحقيق:
عمد المشرع إلى عدم تقييد الخصوم عند رد الخبير المنتدب من قاضي التحقيق - بإجراءات الرد المعتادة واكتفى بإلزام طالب الرد بتقديم طلبه إلى قاضي التحقيق مبينًا به أسباب الرد وألزم القاضي بالفصل فيه في مدة ثلاثة أيام من يوم تقديمه، ولا شك أن لقاضي التحقيق كامل الحرية في تحقيق الأسباب الواردة بالطلب وله في سبيل ذلك سؤال الطالب والخبير ومن يرى ضرورة الحصول على إيضاحات منهم بشأن إثبات أو نفي أسباب الرد فإن تبين له بعد التحقيق أن أسباب الرد صحيحة ومقبولة ويخشى معها انحراف الخبير أمر برده وإلا قضى برفض الطلب وحتى لا تتعطل أعمال التحقيق ألزم القاضي بالفصل في الطلب في مدة ثلاثة أيام من يوم تقديمه وأعطى الحق في الإذن للخبير المردود بالاستمرار في عمله في حالات الاستعجال.
وليس للطلب المقدم من طالب الرد شكل خاص أو وسيلة معينة لتقديمه ويكفي لذلك أن يحرر الطالب مذكرة بأسباب الرد يقدمها إلى قاضي التحقيق مباشرةً فيتولى هذا الأخير فحص الطلب وتمحيصه في الميعاد المحدد.
وليس لطالب الرد أو غيره من الخصوم الحق في الطعن في أمر قاضي التحقيق بقبول الطلب أو رفضه بأي طريق من طرق الطعن.
ثانيًا: الإجراءات أمام المحاكم الجنائية:
يحصل طلب الرد بتكليف الخبير الحضور أمام المحكمة التي عينته في الثلاثة أيام التالية لتاريخ الحكم بتعيينه إذا كان هذا الحكم قد صدر بحضور طالب الرد وإلا ففي الثلاثة أيام التالية لإعلان منطوق ذلك الحكم إليه (م 232) مرافعات، وطلب التكليف بالحضور يحصل بإعلان عن يد محضر ويجب أن يكون متضمنًا الأسباب التي بنى عليها طلب الرد ويجب أن تعلن صورته لجميع الخصوم في الدعوى ليتمكنوا من المثول أمام المحكمة وإبداء ما لديهم من أقوال وعلى المحكمة أن تفصل في الطلب على وجه السرعة بعد إجراء ما تراه لازمًا من التحقيقات وسماع أقوال من ترى ضرورة سماع أقوالهم ويترتب على رد الخبير توقفه عن العمل ولا يجوز الطعن في الحكم الصادر في طلب الرد بأي طريق وإذا حكم برفضه حكم على الطالب بغرامة لا تقل عن خمسة جنيهات ولا تزيد على عشرين جنيهًا ووجب على المحكمة أن تأذن للخبير المردود بمباشرة المأمورية المندوب لها، أما إذا كان الحكم بقبول الطلب وجب تعيين خبير آخر للقيام بالمأمورية بدلاً من الخبير المردود أو أعادت المأمورية للمكتب أو القسم أو المصلحة لتكليف خبير آخر أدائها، وإذا كان الخبير المردود موظفًا أبلغ قلم الكتاب صورة من الحكم إلى مكتب الخبراء أو قسم الطب الشرعي أو المصلحة إذا كان الرد متعلقًا بأحد الخبراء التابعين له وإلى الجهة الرئيسية إذا كان الرد متعلقًا برئيس المكتب أو القسم (م 53) من قانون الخبراء.
مواضيع مماثلة
» كيفية التصرف في قضايا الجنايات وغيرها في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
» الصفات العامة للتحقيق في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
» جمع الاستدلالات ورفع الدعوى في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
» اختصاص قاضي التحقيق من حيث المكان في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
» تصرفات النيابة العامة في التهمة وفق قانون الاجراءات الجنائية
» الصفات العامة للتحقيق في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
» جمع الاستدلالات ورفع الدعوى في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
» اختصاص قاضي التحقيق من حيث المكان في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
» تصرفات النيابة العامة في التهمة وفق قانون الاجراءات الجنائية
منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر :: الفئة الأولى :: ******* ثانيا : المنتدى القانوني :: ( 2) : موضوعات قانونية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى