من له حق رفع(تحريك) الدعوى الجنائية
منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر :: الفئة الأولى :: ******* ثانيا : المنتدى القانوني :: ( 2) : موضوعات قانونية
صفحة 1 من اصل 1
من له حق رفع(تحريك) الدعوى الجنائية
من له حق رفع الدعوى الجنائية
بين القانون في المواد من (1) إلى (13) من له حق رفع الدعوى الجنائية والأحوال التي تتوقف فيها رفعها على شكوى أو طلب وحق محكمة الجنايات أو النقض في إقامتها فحص النيابة العامة أصلا برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها وقيد هذا الحق بوجوب تقديم شكوى شفوية أو كتابية من المجني عليه أو وكيله الخاص إليها أو إلى أحد مأموري الضبطية القضائية في الجرائم المنصوص عليها في المواد (185) و(274) و(277) و(279) و(292) و(293) و(303) و(306) و(307) و(308) من قانون العقوبات - وفي الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون - كما نص في المادة الثامنة من القانون على أنه لا يجوز رفع الدعوى أو اتخاذ إجراءات فيها إلا بناءً على طلب كتابي من وزير العدل في الجرائم المنصوص عليها في المادتين (181) و(182) من قانون العقوبات وفي الأحوال الأخرى التي ينص عليها القانون وأوجب في المادة التاسعة منه تقديم طلب كتابي من الهيئة أو رئيس المصلحة المجني عليها في الجرائم المنصوص عليها في المادة (184) من قانون العقوبات وأول ما يلاحظ أن الجرائم المنصوص عليها في المواد المشار إليها آنفا أما أنها تتصل اتصالاً وثيقًا بشخص المجني عليه أو تمس الهيئة أو المصلحة التي يرأسها أو ممثل إحدى الدول الأجنبية ويكون من الأفضل إذن ترك الأمر للمجني عليه يقدره طبقًا لظروفه وأحواله الخاصة فإن رأي اتخاذ إجراءات في الدعوى تقدم بطلب للنيابة العامة التي لها في هذه الحالة أن تحرك الدعوى وتباشرها وللمجني عليه أن يتنازل عنها في أي وقت وفي أي حالة كانت عليها حتى يصدر حكم نهائي فيها كما أنه لا شك أن رئيس المصلحة هو أقدر من غيره من مرؤوسيه على تقدير ما يمسها وما يعتبر أنه إهانة لها ووزير العدل باعتباره من رجال السلطة التنفيذية أقدر على معرفة الظروف المحيطة بالجرائم المنصوص عليها في المادتين (181) و(182) من قانون العقوبات، وقد أدى هذا إلى زيادة القيود المفروضة على حق النيابة العامة في رفع بعض الدعاوى واتخاذ إجراءات فيها وهي زيادة اقتضتها مراعاة ظروف خاصة أو عامة رأي المشرع مراعاتها فهل تسري هذه القيود المستحدثة من يوم نفاذ قانون الإجراءات الجنائية ولو كانت تتعلق بوقائع سابقة على تاريخ تنفيذه ؟ لا شك أن هذه القيود يجب أن تسري من يوم نفاذ القانون في 15/ 11/ 1951 فيمتنع على النيابة العامة اتخاذ أي إجراء في الدعاوى الخاصة بها أو رفعها إلا بعد استيفاء الشروط المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية الجديد بتقديم طلب من المجني عليه أو رئيس المصلحة أو الهيئة المجني عليها أو زير العدل فإذا كانت قد باشرت هي أو أحد رجال الضبط القضائي التحقيق فيها وجب إيقاف هذا التحقيق حتى تحصل على إذن أو طلب من الجهات المختصة وذلك أخذًا بقاعدة سريان قوانين الإجراءات على الماضي ولأن هذه القيود التي روعي فيها الصالح العام أو الصالح الخاص تتعلق بالتنظيم القضائي المتصل بالنظام العام وليس للنيابة العامة أن تتضرر من هذا لأنها إنما تعمل بتفويض من الجماعة التي رأت فرض هذه القيود على سلطانها وللمجني عليه أن يتقدم بالشكوى أو الطلب في بحر ثلاثة شهود من يوم علمه بالجريمة وبمرتكبها وتبدأ هذه المدة من يوم 15/ 11/ 1951 بالنسبة للوقائع السابقة ولو كان العلم بها قبل هذا التاريخ وذلك بشرط أن لا ينقضي الحق في رفع الدعوى بشأنها قبل الثلاثة شهور أما بالنسبة لوزير العدل أو رئيس المصلحة أو الهيئة فحقهما في طلب رفع الدعوى قائم ما لم تسقط هذه الدعوى بمضي المدة، ويمكن حصر الجرائم الشائعة الوقوع من الأحوال الأخرى التي استلزم القانون فيها بلاغًا أو شكوى أو طلبًا أو إذنًا - وكلها عبارات مترادفة كما جاء بتقرير لجنة الشؤون التشريعية بمجلس الشيوخ عن مشروع قانون الإجراءات الجنائية - فيما يأتي:
أولاً: (الجرائم المنصوص عليها في المادة (312) عقوبات.
ثانيًا: الجرائم المنصوص عليها في المادة (11) من القانون رقم (124) لسنة 1949 الخاص بالأحداث المشردين.
ثالثًا: الجرائم المنصوص عليها في المادة (110) من الدستور التي نصت على أنه لا يجوز في دور الانعقاد وفي غير حالة التلبس بالجناية اتخاذ إجراءات جنائية نحو أي عضو من أعضاء البرلمان ولا القبض عليه إلا بإذن المجلس التابع له.
رابعًا: الجرائم المنصوص عليها في المادة (54) من قانون استقلال القضاء التي نصت بأنه في غير حالات التلبس بالجناية لا يجوز القبض على القاضي وحبسه إلا بعد الحصول على إذن من اللجنة المنصوص عليها في المادة (52) من القانون....إلخ.
خامسًا: جنح الضرائب المنصوص عليها في المادة (85) من القانون رقم (14) لسنة 1939 المعدلة بالقانون رقم (146) سنة 1950 حيث نص فيها على أن يكون رفع الدعوى العمومية في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة بناءً على طلب مصلحة الضرائب التي لها التنازل عنها إذا رأت محلاً لذلك..... إلخ.
سادسًا: الجرائم الجمركية التي تقع من موظفي الجمارك وعماله الواردة في المادة الأولى من القانون رقم (3) لسنة 1903).
أما فيما يختص بحق محكمة الجنايات أو محكمة النقض في إقامة الدعوى الجنائية فالنص على ذلك وارد بالمادة (11) إجراءات بالنسبة لمحكمة الجنايات عند النظر في دعوى معروضة عليها وفي المادة (12) بالنسبة للدائرة الجنائية بمحكمة النقض عند نظر الموضوع بناءً على الطعن في المرة الثانية، وأنه وإن كان الذي يتبادر إلى الذهن لأول وهلة من مراجعة نص المادتين على حق المحكمتين في إقامة الدعوى الجنائية أن لهما الحق في إقامتها مباشرةً فإنه مما لا شك فيه أن حقهما قاصر على تحريك الدعوى وأحالتها إلى الجهة المختصة بالتحقيق أو أن تندب أحد أعضائها للقيام بإجرائه وتسري عليه عندئذ كافة القواعد الخاصة بقاضي التحقيق وللمحقق في الحالين بعد أن يتم تحقيقه أن يتصرف في الدعوى وفقًا لما يسفر عنه التحقيق فإن رأى أن الأدلة غير كافية على الاتهام بالنسبة للمتهمين الجدد كلهم أو بعضهم أو بالنسبة للوقائع الجديدة كلها أو بعضها فله أن يأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى وإن رأى أن الأدلة كافية فله أن يأمر بإرسال الأوراق إلى غرفة الاتهام إن كانت الواقعة جناية أو أن يحيلها على محكمة الجنح إن رأى أن الوقعة جنحة، وهذا الحق المعطى لمحكمتي الجنايات والنقض بالحدود الواردة (11) و(12) من قانون الإجراءات يعبر عنه عادةً بحق التصدي وكان منصوص عليه في قانون تحقيق الجنايات الملغى في المادتين (45) و(62) منه وأقره القانون الجديد مع بيان دقيق لحالاته وشرائطه كما استحدث نصًا جديدًا هو المادة (13) التي أعطت المحكمتين في الحالتين المشار إليهما آنفًا حق إقامة الدعوى الجنائية على أي متهم ولو لم يكن هو المتهم في الدعوى المنظورة أمامها إذا وقعت منه أفعال من شأنها الإخلال بأوامرهما أو بالاحترام الواجب لهما أو التأثير في قضائهما أو في الشهود سواء أكانت هذه الأفعال وقعت منه بالجلسة أم خارجها، وعلى أن يكون ذلك طبقًا للأوضاع المبينة في المادة (11) من القانون.
هذا وقد نص المشرع في مواضع متفرقة بالقانون على حق المحاكم الأخرى في إقامة الدعوى الجنائية وبعض هذه النصوص مستحدث والبعض الآخر مأخوذ عن القوانين الملغاة وهذه هي الحالات:
أولاً: حق غرفة الاتهام في إقامة الدعوى الجنائية - نص على هذا الحق في المادة (176) من قانون الإجراءات التي نصت على أن لغرفة الاتهام عند استعمالها حق التصدي طبقًا للمادة السابقة أو عند إحالة الدعوى إليها من قاضي التحقيق طبقًا للمادة (158) أن تدخل في الدعوى وقائع أخرى أو أشخاصًا آخرين وأن تجري التحقيق اللازم لذلك - والمادة (175) المشار إليها تنص على أن لغرفة الاتهام عند النظر في مد الحبس الاحتياطي أو في الاستئنافات التي ترفع إليها عن قرارات قاضي التحقيق أن تتولى إتمام التحقيق بنفسها وأن تصدر أمرها فيه طبقًا للمادة (179) إجراءات ومعنى هذا أن لغرفة الاتهام أن تقيم الدعوى في حالتين، الأولى إذا تولت بنفسها إتمام التحقيق عند النظر في الحبس أو الاستئنافات المرفوعة عن أوامر قاضي التحقيق فلها عندئذ أن تدخل في الدعوى وقائع أخرى أو أشخاصًا آخرين وأن تجري التحقيق اللازم لذلك والحالة الثانية عند إحالة الجناية إليها من قاضي التحقيق لتحليلها إلى محكمة الجنايات فلها عندئذ أن تقيم الدعوى عن وقائع جديدة أو على أشخاص آخرين ولها أن تنتدب أحد أعضائها ليقوم بإجراء التحقيق أو أن تندب لذلك قاضي التحقيق الذي له وللعضو المنتدب كامل الحرية في التصرف في التحقيقات الجديدة طبقًا لما يسفر عنه التحقيق فله الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى أو بإحالتها للمحكمة الجزئية على اعتبار أن الواقعة جناية تستدعي ظروفها الحكم بعقوبة الجنحة أو على اعتبار أنها في الأصل جنحة أو مخالفة كما له أن يحيلها لغرفة الاتهام طبقًا للمادة (158) على أن تتكون هذه الغرفة من قضاة آخرين غير الذين اشتركوا في تحريك الدعوى أخذًا بما رآه المشرع في المادة الحادية عشرة من القانون ولذات الحكمة التي تقرر من أجلها هذا المبدأ.
وحق غرفة الاتهام في تحريك الدعوى نشأ من يوم نفاذ قانون الإجراءات الجنائية فلها هذا الحق في الحالتين المشار إليهما سلفًا ولو كانت التحقيقات المعروضة عليها أو الوقائع التي رفعت الدعوى بشأنها حدثت قبل تنفيذ القانون الجديد، كما أن حق محكمة الجنايات أو محكمة النقض المنصوص عليه في المادة (13) من القانون يسري من يوم نفاذه ولو تعلق بوقائع حدثت قبل تاريخ النفاذ وذلك لأن النصوص التي تنشئ نظامًا جديدًا للاختصاص تسري من يوم نفاذها حسبما بيناه في القواعد العامة.
ثانيًا: حق المحاكم عمومًا في تحريك الدعوى الجنائية والحكم فيها:
للمحاكم في بعض حالات معينة حق تحريك الدعوى والحكم فيها أو حق تحريكها دون الحكم فيها ولإيضاح ذلك نفرق بين الحالات الآتية:
( أ ) حق المحكمة الجنائية في تحريك الدعوى والحكم فيها:
للمحاكم الجنائية أن تحكم بحكم غير قابل للاستئناف على من يخل بنظام الجلسة بالحبس أربع وعشرين ساعة أو بتغريمه مائة قرش (م243 إجراءات)، وإذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال وتحكم فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم، وذلك دون احتياج إلى تقديم الشكوى أو الطلب في الحالات المبينة في المواد (3)، (، (9) من قانون الإجراءات (م 244 إجراءات)، والنص عام يتناول أية جريمة تقع في الجلسة سواء أكانت تتضمن تعديًا على هيئة المحكمة من عدمه، وهو حق جوازي للمحكمة فلها أن تقيم الدعوى على المتهم وتحكم فيها بعد تحرير محضر بما حدث أو أن تكتفي بتحرير المحضر وتحريك الدعوى بإحالتها إلى السلطة المختصة بالتحقيق.
(ب) حق المحكمة الجنائية في تحريك الدعوى فقط:
إذا كانت الجريمة التي وقعت بالجلسة جناية فعلى رئيس المحكمة أن يحرز محضرًا بما حدث وأن يصدر أمرًا بإحالة الدعوى إلى قاضي التحقيق وذلك بدون إخلال بحكم المادة (13) من القانون.
(ﺟ) حق محكمة أول درجة والمحكمة الاستئنافية في تحريك الدعوى:
نص قانون تحقيق الجنايات الملغى والقوانين المكملة له في المواد (148) و(174) و(189) على إلزام محكمة أول درجة أو المحكمة الاستئنافية بالحكم بعدم الاختصاص إذا تبين لها من قرائن الأحوال أن الواقعة جناية وأن تحيل الأوراق إلى النيابة العامة لتجري شؤونها فيها وللنيابة العامة عندئذٍ أن تحقق الدعوى إن لم تكن سبق تحقيقها بمعرفتها وتقدمها إلى قاضي الإحالة بالكيفية المقررة في المادة العاشرة من القانون رقم (4) لسنة 1905 الصادر بتشكيل محاكم الجنايات بمعنى أنه لم يكن للمحكمتين في هذه الحالة حق تحريك الدعوى، وإنما يعود الحق لصاحبه وهو النيابة العامة أما قانون الإجراءات الجديد فقد استحدث نظامًا خاصًا بهذه الحالة فنص في باب محاكم المخالفات والجنح في المادتين (305) و(306) على أنه إذا تبين للمحكمة عند نظر الدعوى أن الجريمة المحالة عليها من اختصاص محكمة الجنايات تحكم بعدم اختصاصها وإذا كان الفعل جنحة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد تحيلها إلى محكمة الجنايات، فإذا كان الفعل جناية وكانت الدعوى قد تم تحقيقها بمعرفتها أو بمعرفة سلطة التحقيق وكانت الأدلة كافية تحيلها إلى غرفة الاتهام وإن كانت الأدلة غير كافية تصدر فيها قرار أن لا وجه لإقامة الدعوى، وإن لم يكن قد تم تحقيقها تحيلها إلى قاضي التحقيق لتحقيقها والتصرف فيها، وقرارها بإحالة الدعوى إلى غرفة الاتهام أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى قابل للطعن فيه كما لو كان صادرًا من قاضي التحقيق فإذا كان الفعل جناية من الجنايات التي يجوز لقاضي التحقيق إحالتها إليها طبقًا للمادة 158/ 2، 3 إجراءات فلها بدل الحكم بعدم الاختصاص أن تصدر قرارًا بنظرها وتحكم فيها، وقد ردد القانون هذه النصوص تقريبًا في باب الاستئناف في المادتين (414) و(415) حيث نص في المادة (414) على ما يأتي: (إذا تبين للمحكمة الاستئنافية أن الجريمة من اختصاص محكمة الجنايات تحكم بعدم اختصاصها - وإذا كان الفعل جنحة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد تحليلها إلى محكمة الجنايات - أما إذا كان الفعل جناية، وكانت الدعوى قد تم تحقيقها أمام سلطة التحقيق أو أمام محكمة أول درجة ورأت أن الأدلة كافية على المتهم وترجحت لديها إدانته تحيلها إلى محكمة الجنايات وإذا لم يكن قد تم تحقيقها تحليلها إلى قاضي التحقيق - وإذا رأت أن الأدلة غير كافية تصدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ويكون الأمر الصادر من المحكمة بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى وقابلاً للطعن طبقًا للمواد (193 - 196)، كما لو كان صادرًا من غرفة الاتهام، ونص في المادة (415) على أنه: (للمحكمة الاستئنافية إذا رأت أن الفعل المحكوم فيه باعتباره جنحة من الجنايات التي يجوز لقاضي التحقيق إحالتها إلى المحكمة الجزئية طبقًا للمادة (158) تصدر قرارًا بنظرها وتحكم فيها وللنائب العام أن يطعن في القرار..... إلخ).
ومفهوم هذه النصوص أنه إذا تبين لمحكمة أول درجة أو المحكمة الاستئنافية أن الدعوى التي تنظرها من اختصاص محكمة الجنايات تحكم بعدم اختصاصها أو تحيلها إلى محكمة الجنايات إذا كان الفعل جنحة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد وأنه إذا حكمت بعدم الاختصاص لأن الفعل جناية فلمحكمة أول درجة إذا كانت الدعوى قد تم تحقيقها أمامها أو بواسطة سلطة التحقيق وكانت الأدلة كافية أن تحيلها إلى غرفة الاتهام وللمحكمة الاستئنافية إذا كان قد تم تحقيقها بمعرفة سلطة التحقيق أو أمام محكمة أول درجة أن تحيلها مباشرةً إلى محكمة الجنايات، فإذا كان الفعل جناية من الجنايات التي يجوز لقاضى التحقيق إحالتها إلى المحكمة الجزئية فللمحكمتين أن يصدرا قرارًا بنظر الدعوى ويحكمها فيها، أما إذا كانت الأدلة غير كافية فلهما أن يصدرا قرارًا بأن لا وجه لإقامة الدعوى، فالحكم بعدم الاختصاص لأن الواقعة جناية لا يترتب عليه إعادة الأوراق إلى النيابة العامة لتجري شؤونها فيها باعتبارها سلطة الاتهام والأمينة على الدعوى العمومية وإنما يعطي لكل من المحكمتين أما حق تحريك الدعوى فقط وتقديمها إلى غرفة الاتهام أو محكمة الجنايات أو التقرير بأن لا وجه إن كانت قد تم تحقيقها من سلطة مختصة بالتحقيق أو حق تحريكها والحكم فيها إذا كانت الجناية من الجنايات التي يجوز لقاضى التحقيق إحالتها إلى المحكمة الجزئية طبقًا للمادة (158) من قانون الإجراءات وللمحكمة عندئذٍ إذا لم تكن الدعوى محققة أن تتولى تحقيقها بنفسها وتحكم فيها.
ثالثًا: حق المحاكم المدنية في تحريك الدعوى الجنائية والحكم فيها:
للمحاكم المدنية حق تحريك الدعوى الجنائية والحكم فيها في حالة الإخلال بنظام الجلسة فللقاضي المدني عندئذٍ أن يحكم على المخل بحكم غير قابل للاستئناف بالحبس أربع وعشرين ساعة أو بتغريمه جنيهًا واحدًا (المادة 125 مرافعات)، وكذلك لها أن تحرك الدعوى وتحكم فيها على من وقع منه أثناء انعقادها جنحة تعد على هيئة المحكمة أو على أحد أعضائها أو أحد الموظفين بالمحكمة أو من شهد زورًا أمامها (المادة 129/ 221 مرافعات)، وذلك تمكينًا لها من حفظ كرامة القضاء والإسراع في محاكمة من يحاول المساس بها.
أما إذا وقعت بالجلسة جناية أو جنحة غير ما ذكر آنفًا فيقتصر حق المدينة على تحريك الدعوى وعلى رئيس الجلسة أن يأمر بكتابة محضر عن الجريمة التي وقعت وبما يرى اتخاذه من إجراءات وله إذا اقتضى الحال أن يأمر بالقبض على من وقعت منه الجريمة (المادة 128 مرافعات).
ويبين مما تقدم أن حق المحاكم الجنائية في تحريك الدعوى الجنائية والحكم فيها أوسع من حق المحاكم المدنية ولا غرابة في ذلك إذ المفروض أنها أقدر من غيرها على الحكم في الوقائع الجنائية فضلاً عن أن النيابة العامة ممثلة فيها وهي صاحبة سلطة الاتهام بصفة أصلية وأوجب القانون على المحكمة الجنائية أن تسمع أقوالها قبل الحكم في الدعوى.
رابعًا: حق قاضي التحقيق في تحريك الدعوى الجنائية والحكم فيها:
فصل المشروع بين سلطتي الاتهام والتحقيق وجعل الأولى بصفة أصلية في يد النيابة العامة والثانية في يد قاضي التحقيق وحده بالنسبة للجنايات، أما الجنح فاختصاص التحقيق فيها للنيابة العامة وقاضي التحقيق معًا فلا يدخل في اختصاص قاضي التحقيق حق تحريك الدعوى العمومية أو مباشرتها وعلة الفصل بين السلطتين كما جاء بالمذكرة التفسيرية للقانون هو أن في الفصل بينهما ضمانًا أوفى للمتهم كما أن اختصاصات قاضي التحقيق الواسعة تجعله أقدر من غيره على إنجاز التحقيقات بالسرعة الواجبة حتمًا لأمن الدولة وحرية الأفراد - فليس من اختصاص قاضي التحقيق إذن أن يحرك الدعوى العمومية أو يباشرها وتنفيذًا لذلك نص صراحةً على أن قاضي التحقيق لا يتولى التحقيق إلا إذا طلبت النيابة العامة منه ذلك أو أخطرته بوقوع جناية في حالة تلبس - إلا أنه أعطى في حالات ضيقة نص عليها صراحةً حق تحريك الدعوى ومباشرتها والحكم فيها بقصد تمكينه من أداء واجبه على خير وجه فنص في المادة (72) من القانون على أنه يكون لقاضى التحقيق ما للمحكمة من الاختصاصات فيما يتعلق بنظام الجلسة، ويجوز الطعن في الأحكام التي يصدرها طبقًا لما هو مقرر للطعن في الأحكام الصادرة من القاضي الجزئي وتشير هذه المادة إلى المادتين (243) و(244) من قانون الإجراءات وقد أوضحنا مضمونهما فيما سبق.
ونظرًا للصلة الوثيقة بين عمل المحامى باعتباره ممثل الدفاع والسلطة التي تتولى بالصدق إظهار براءة المتهم وبين رغبة المجتمع في أن لا ينال الجزاء غير المذنب وحتى لا يشعر المحامى أثناء قيامه بواجبه أنه محدود الحرية رئي إحاطة المحامين بما يضمن لهم تأدية واجبهم على خير وجه فنص في المادة (51) من قانون المحاماة رقم (98) لسنة 1944 على أنه (استثناءً من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانوني المرافعات وتحقيق الجنايات إذا وقع من المحامى أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه ما يجوز اعتباره تشويشًا مخلاً بالنظام أو ما يستدعي مؤاخذته تأديبيًا أو جنائيًا يأمر رئيس الجلسة بكتابة محضر بما حدث ويحيل المحضر المذكور إلى النيابة العمومية، وعلى النيابة إجراء التحقيق في ظرف ثلاثة أيام من تاريخ استلام المحضر بمعرفة رئيس النيابة أو من يندب لذلك بعد إخطار مجلس النقابة ليوفد من يمثله وترفع أوراق التحقيق للنائب العام، وللنائب العام أن يحيل المحامى إلى المحكمة الجنائية إذا كان ما وقع منه يعتبر جريمة يعاقب عليها في قانون العقوبات أو يحيله إلى الهيئة التأديبية أو مجلس النقابة إذا كان ما وقع منه مجرد إخلال بالواجب أو تشويش مخلٍ بالنظام، وعلى كل حال لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة التي وقع فيها الحادث أو أحد أعضائها عضوًا في الهيئة التي تحاكم المحامى تأديبية كانت أو جنائية)، ولما أن صدر قانونا الإجراءات والمرافعات الجديدين أن نصا على المبدأ الذي جاء بقانون المحاماة فجاء بالمادة (130) مرافعات، والمادة (245) إجراءات على أنه إذا وقع من المحامى أثناء قيامه بواجبه في الجلسة وبسببه ما يجوز اعتباره تشويشًا مخلاً بالنظام أو ما يستدعي مؤاخذته جنائيًا يحرر رئيس الجلسة محضرًا بما حدث، وللمحكمة أن تقرر إحالة المحامى إلى قاضي التحقيق لإجراء التحقيق إذا كان ما وقع منه يستدعي مؤاخذته جنائيًا وإلى رئيس المحكمة إذا كان ما وقع منه يستدعي مؤاخذته تأديبيًا وفي الحالين لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة التي وقع فيها الحادث أو أحد أعضائها عضوًا في الهيئة التي تنظر الدعوى.
ويفهم من هذه النصوص أن تحقيق الجرائم التي تقع من المحامى بالجلسة والتي تكون متصلة بعمله من اختصاص قاضي التحقيق وأن تحقيق مجرد الإخلال بالواجب أو التشويش من اختصاص رئيس المحكمة الكلية التي وقع بدائرتها الفعل ولا حاجة في الحالين لإخطار مجلس النقابة لإيفاد من يمثله إلا أن هذا لا يمنع الممثل من حضور التحقيق من تلقاء نفسه خاصة إذا كان الذي يجريه قاضي التحقيق.
ويهمنا أن نشير بهذه المناسبة إلى الضجة التي أثيرت حول الحكم الصادر من أحد قضاة التحقيق على أحد مساعدي حكمداري البوليس وما نشر من اتصال رجال البوليس والإدارة بوزارة الداخلية لسن تشريع يحميهم من قضاة التحقيق ويسوى بينهم وبين رجال المحاماة، ولا أرى في هذا المجال الخوض في دواعي الحادث وحقيقته لأن هذا من اختصاص جهات معينة حددها قانون الإجراءات الجنائية وإنما الذي يعنيني في هذا المقام هو الحديث عن التشريع المقترح ومدى صحته من الناحية القانونية والآثار العملية التي يمكن أن تترتب على إصداره وأول ما تجب ملاحظته أن قانون الإجراءات الجنائية فصل بين قاضي التحقيق ورجال الضبطية القضائية عدا النيابة العامة التي لها وحدها الاتصال به فهي التي تطلب منه التحقيق وهى التي تقدم له الاستدلالات التي تلزم للدعوى فلا اتصال بين رجال البوليس والإدارة سواء باعتبارهم من مأموري الضبط القضائي أو من رجال السلطة العامة بالتحقيق ولا بقاضيه واتصالهم قاصر على رجال النيابة العامة باعتبارهم من مأموري الضبط القضائي المشرفين على من عداهم من المأمورين فرجل البوليس ليس من حقه أن يعرض نتيجة تحرياته أو أي عمل قام به على قاضي التحقيق مباشرةً بل يجب عليه أن يعرضه على وكيل النائب العام المنوط به وحده الاتصال بالقاضي، هذا هو المستفاد من نصوص القانون مجتمعه مما يؤكد أن المشروع رأى اتخاذ هذا الطريق عن عمد تمشيًا مع الضرورة التي ألجأته إلى إصدار قانون الإجراءات الجديد والفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق صونًا للمصلحة العامة ومحافظة على حقوق الأفراد وحرياتهم، ولا شك في أن النيابة العامة هي وحدها التي تمثل في الدعوى الجنائية الصالح العام كما أن رجال المحاماة - باعتبارهم الوكلاء عن المتهمين - هم الذين يقومون بواجب الدفاع عنهم والمحافظة على حرياتهم فإذا خصهم المشرع بالحماية أثناء قيامهم بهذا الواجب فمرد ذلك إعطاؤهم كامل الحرية للدفاع عن موكليهم وإظهار براءتهم حتى يحقق غرضًا طالما عملت التشريعات الحديثة على تحقيقه وهو إظهار براءة الجاني بعد أن تحقق الغرض الآخر وهو عدم إفلات المجرم من العقاب بما خوله للنيابة العامة من اختصاصات وشتان إذن بين عمل كل من رجال البوليس والإدارة وعمل رجال المحاماة ولا محل للمقارنة بينهما والقياس بين الحقوق التي خولها الشارع لكل منهما لاختلاف طبيعة العملين، وإنا إذ نقول بهذا الرأي لا نود البتة التقليل من أهمية أعمال رجال البوليس والإدارة المتصلة بالجريمة فهم أسبق الناس إلى مكانها وأقدرهم بمعاونة مرؤوسيهم على السعي وراء جمع الاستدلالات وما يفيد من كشف الحقيقة ولكنهم وقد نيط بهم المحافظة على الأمن مما يكفل منع وقوع الجرائم وزيد من حقوق وسلطان رؤسائهم عليهم وإلحاقهم أصلاً بالسلطة التنفيذية رأى المشرع بحق أن يفصل بينهم وبين سلطة التحقيق وأن يجعل اتصالهم مباشرةً بالنيابة العامة وأتبعهم عند قيامهم بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى للنائب العام الذي من حقه أن يطلب إلى الجهة المختصة النظر في أمر كل من تقع منه مخالفة لواجباته، وإذا كان الأمر هكذا فالمفروض قانونًا أنه ليس من حقهم دخول غرفة التحقيق إلا في الحدود التي تسمح لهم بالاتصال بوكيل النيابة وإن كان نرى أنه يجب أن يترك هذا الأمر لقاضي التحقيق الذي له أن يقدر إن كان وجودهم بالجلسة يمس العدالة من عدمه فإن رأى أن في وجودهم أو وجود أحدهم بغرفة التحقيق ما يعرقل سير العدالة فعليه أن يطلب منه مبارحة الغرفة.
والذي يبدو مما تقدم أن التشريع المقترح مخالف للقانون نصًا وروحًا وأنه إذا أريد إصدار قانون به لزم إجراء تعديلات أساسية في قانون الإجراءات الجنائية لا ترجى منها فائدة عملية إلا عرقلة سير العدالة وتفويت الحقوق وإنا نعتقد أن في حكمة قضاة التحقيق ما يدعو إلى الأمل الكبير في عدم تكرار مثل هذا الحادث المؤسف حقًا وندعو رجال البوليس والإدارة إلى التذرع بالصبر عند مناقشة الأدلة والبعد عن كل ما يمكن اعتباره تدخلاً في التحقيق.
أولاً: (الجرائم المنصوص عليها في المادة (312) عقوبات.
ثانيًا: الجرائم المنصوص عليها في المادة (11) من القانون رقم (124) لسنة 1949 الخاص بالأحداث المشردين.
ثالثًا: الجرائم المنصوص عليها في المادة (110) من الدستور التي نصت على أنه لا يجوز في دور الانعقاد وفي غير حالة التلبس بالجناية اتخاذ إجراءات جنائية نحو أي عضو من أعضاء البرلمان ولا القبض عليه إلا بإذن المجلس التابع له.
رابعًا: الجرائم المنصوص عليها في المادة (54) من قانون استقلال القضاء التي نصت بأنه في غير حالات التلبس بالجناية لا يجوز القبض على القاضي وحبسه إلا بعد الحصول على إذن من اللجنة المنصوص عليها في المادة (52) من القانون....إلخ.
خامسًا: جنح الضرائب المنصوص عليها في المادة (85) من القانون رقم (14) لسنة 1939 المعدلة بالقانون رقم (146) سنة 1950 حيث نص فيها على أن يكون رفع الدعوى العمومية في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة بناءً على طلب مصلحة الضرائب التي لها التنازل عنها إذا رأت محلاً لذلك..... إلخ.
سادسًا: الجرائم الجمركية التي تقع من موظفي الجمارك وعماله الواردة في المادة الأولى من القانون رقم (3) لسنة 1903).
أما فيما يختص بحق محكمة الجنايات أو محكمة النقض في إقامة الدعوى الجنائية فالنص على ذلك وارد بالمادة (11) إجراءات بالنسبة لمحكمة الجنايات عند النظر في دعوى معروضة عليها وفي المادة (12) بالنسبة للدائرة الجنائية بمحكمة النقض عند نظر الموضوع بناءً على الطعن في المرة الثانية، وأنه وإن كان الذي يتبادر إلى الذهن لأول وهلة من مراجعة نص المادتين على حق المحكمتين في إقامة الدعوى الجنائية أن لهما الحق في إقامتها مباشرةً فإنه مما لا شك فيه أن حقهما قاصر على تحريك الدعوى وأحالتها إلى الجهة المختصة بالتحقيق أو أن تندب أحد أعضائها للقيام بإجرائه وتسري عليه عندئذ كافة القواعد الخاصة بقاضي التحقيق وللمحقق في الحالين بعد أن يتم تحقيقه أن يتصرف في الدعوى وفقًا لما يسفر عنه التحقيق فإن رأى أن الأدلة غير كافية على الاتهام بالنسبة للمتهمين الجدد كلهم أو بعضهم أو بالنسبة للوقائع الجديدة كلها أو بعضها فله أن يأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى وإن رأى أن الأدلة كافية فله أن يأمر بإرسال الأوراق إلى غرفة الاتهام إن كانت الواقعة جناية أو أن يحيلها على محكمة الجنح إن رأى أن الوقعة جنحة، وهذا الحق المعطى لمحكمتي الجنايات والنقض بالحدود الواردة (11) و(12) من قانون الإجراءات يعبر عنه عادةً بحق التصدي وكان منصوص عليه في قانون تحقيق الجنايات الملغى في المادتين (45) و(62) منه وأقره القانون الجديد مع بيان دقيق لحالاته وشرائطه كما استحدث نصًا جديدًا هو المادة (13) التي أعطت المحكمتين في الحالتين المشار إليهما آنفًا حق إقامة الدعوى الجنائية على أي متهم ولو لم يكن هو المتهم في الدعوى المنظورة أمامها إذا وقعت منه أفعال من شأنها الإخلال بأوامرهما أو بالاحترام الواجب لهما أو التأثير في قضائهما أو في الشهود سواء أكانت هذه الأفعال وقعت منه بالجلسة أم خارجها، وعلى أن يكون ذلك طبقًا للأوضاع المبينة في المادة (11) من القانون.
هذا وقد نص المشرع في مواضع متفرقة بالقانون على حق المحاكم الأخرى في إقامة الدعوى الجنائية وبعض هذه النصوص مستحدث والبعض الآخر مأخوذ عن القوانين الملغاة وهذه هي الحالات:
أولاً: حق غرفة الاتهام في إقامة الدعوى الجنائية - نص على هذا الحق في المادة (176) من قانون الإجراءات التي نصت على أن لغرفة الاتهام عند استعمالها حق التصدي طبقًا للمادة السابقة أو عند إحالة الدعوى إليها من قاضي التحقيق طبقًا للمادة (158) أن تدخل في الدعوى وقائع أخرى أو أشخاصًا آخرين وأن تجري التحقيق اللازم لذلك - والمادة (175) المشار إليها تنص على أن لغرفة الاتهام عند النظر في مد الحبس الاحتياطي أو في الاستئنافات التي ترفع إليها عن قرارات قاضي التحقيق أن تتولى إتمام التحقيق بنفسها وأن تصدر أمرها فيه طبقًا للمادة (179) إجراءات ومعنى هذا أن لغرفة الاتهام أن تقيم الدعوى في حالتين، الأولى إذا تولت بنفسها إتمام التحقيق عند النظر في الحبس أو الاستئنافات المرفوعة عن أوامر قاضي التحقيق فلها عندئذ أن تدخل في الدعوى وقائع أخرى أو أشخاصًا آخرين وأن تجري التحقيق اللازم لذلك والحالة الثانية عند إحالة الجناية إليها من قاضي التحقيق لتحليلها إلى محكمة الجنايات فلها عندئذ أن تقيم الدعوى عن وقائع جديدة أو على أشخاص آخرين ولها أن تنتدب أحد أعضائها ليقوم بإجراء التحقيق أو أن تندب لذلك قاضي التحقيق الذي له وللعضو المنتدب كامل الحرية في التصرف في التحقيقات الجديدة طبقًا لما يسفر عنه التحقيق فله الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى أو بإحالتها للمحكمة الجزئية على اعتبار أن الواقعة جناية تستدعي ظروفها الحكم بعقوبة الجنحة أو على اعتبار أنها في الأصل جنحة أو مخالفة كما له أن يحيلها لغرفة الاتهام طبقًا للمادة (158) على أن تتكون هذه الغرفة من قضاة آخرين غير الذين اشتركوا في تحريك الدعوى أخذًا بما رآه المشرع في المادة الحادية عشرة من القانون ولذات الحكمة التي تقرر من أجلها هذا المبدأ.
وحق غرفة الاتهام في تحريك الدعوى نشأ من يوم نفاذ قانون الإجراءات الجنائية فلها هذا الحق في الحالتين المشار إليهما سلفًا ولو كانت التحقيقات المعروضة عليها أو الوقائع التي رفعت الدعوى بشأنها حدثت قبل تنفيذ القانون الجديد، كما أن حق محكمة الجنايات أو محكمة النقض المنصوص عليه في المادة (13) من القانون يسري من يوم نفاذه ولو تعلق بوقائع حدثت قبل تاريخ النفاذ وذلك لأن النصوص التي تنشئ نظامًا جديدًا للاختصاص تسري من يوم نفاذها حسبما بيناه في القواعد العامة.
ثانيًا: حق المحاكم عمومًا في تحريك الدعوى الجنائية والحكم فيها:
للمحاكم في بعض حالات معينة حق تحريك الدعوى والحكم فيها أو حق تحريكها دون الحكم فيها ولإيضاح ذلك نفرق بين الحالات الآتية:
( أ ) حق المحكمة الجنائية في تحريك الدعوى والحكم فيها:
للمحاكم الجنائية أن تحكم بحكم غير قابل للاستئناف على من يخل بنظام الجلسة بالحبس أربع وعشرين ساعة أو بتغريمه مائة قرش (م243 إجراءات)، وإذا وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال وتحكم فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم، وذلك دون احتياج إلى تقديم الشكوى أو الطلب في الحالات المبينة في المواد (3)، (، (9) من قانون الإجراءات (م 244 إجراءات)، والنص عام يتناول أية جريمة تقع في الجلسة سواء أكانت تتضمن تعديًا على هيئة المحكمة من عدمه، وهو حق جوازي للمحكمة فلها أن تقيم الدعوى على المتهم وتحكم فيها بعد تحرير محضر بما حدث أو أن تكتفي بتحرير المحضر وتحريك الدعوى بإحالتها إلى السلطة المختصة بالتحقيق.
(ب) حق المحكمة الجنائية في تحريك الدعوى فقط:
إذا كانت الجريمة التي وقعت بالجلسة جناية فعلى رئيس المحكمة أن يحرز محضرًا بما حدث وأن يصدر أمرًا بإحالة الدعوى إلى قاضي التحقيق وذلك بدون إخلال بحكم المادة (13) من القانون.
(ﺟ) حق محكمة أول درجة والمحكمة الاستئنافية في تحريك الدعوى:
نص قانون تحقيق الجنايات الملغى والقوانين المكملة له في المواد (148) و(174) و(189) على إلزام محكمة أول درجة أو المحكمة الاستئنافية بالحكم بعدم الاختصاص إذا تبين لها من قرائن الأحوال أن الواقعة جناية وأن تحيل الأوراق إلى النيابة العامة لتجري شؤونها فيها وللنيابة العامة عندئذٍ أن تحقق الدعوى إن لم تكن سبق تحقيقها بمعرفتها وتقدمها إلى قاضي الإحالة بالكيفية المقررة في المادة العاشرة من القانون رقم (4) لسنة 1905 الصادر بتشكيل محاكم الجنايات بمعنى أنه لم يكن للمحكمتين في هذه الحالة حق تحريك الدعوى، وإنما يعود الحق لصاحبه وهو النيابة العامة أما قانون الإجراءات الجديد فقد استحدث نظامًا خاصًا بهذه الحالة فنص في باب محاكم المخالفات والجنح في المادتين (305) و(306) على أنه إذا تبين للمحكمة عند نظر الدعوى أن الجريمة المحالة عليها من اختصاص محكمة الجنايات تحكم بعدم اختصاصها وإذا كان الفعل جنحة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد تحيلها إلى محكمة الجنايات، فإذا كان الفعل جناية وكانت الدعوى قد تم تحقيقها بمعرفتها أو بمعرفة سلطة التحقيق وكانت الأدلة كافية تحيلها إلى غرفة الاتهام وإن كانت الأدلة غير كافية تصدر فيها قرار أن لا وجه لإقامة الدعوى، وإن لم يكن قد تم تحقيقها تحيلها إلى قاضي التحقيق لتحقيقها والتصرف فيها، وقرارها بإحالة الدعوى إلى غرفة الاتهام أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى قابل للطعن فيه كما لو كان صادرًا من قاضي التحقيق فإذا كان الفعل جناية من الجنايات التي يجوز لقاضي التحقيق إحالتها إليها طبقًا للمادة 158/ 2، 3 إجراءات فلها بدل الحكم بعدم الاختصاص أن تصدر قرارًا بنظرها وتحكم فيها، وقد ردد القانون هذه النصوص تقريبًا في باب الاستئناف في المادتين (414) و(415) حيث نص في المادة (414) على ما يأتي: (إذا تبين للمحكمة الاستئنافية أن الجريمة من اختصاص محكمة الجنايات تحكم بعدم اختصاصها - وإذا كان الفعل جنحة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد تحليلها إلى محكمة الجنايات - أما إذا كان الفعل جناية، وكانت الدعوى قد تم تحقيقها أمام سلطة التحقيق أو أمام محكمة أول درجة ورأت أن الأدلة كافية على المتهم وترجحت لديها إدانته تحيلها إلى محكمة الجنايات وإذا لم يكن قد تم تحقيقها تحليلها إلى قاضي التحقيق - وإذا رأت أن الأدلة غير كافية تصدر أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى ويكون الأمر الصادر من المحكمة بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى وقابلاً للطعن طبقًا للمواد (193 - 196)، كما لو كان صادرًا من غرفة الاتهام، ونص في المادة (415) على أنه: (للمحكمة الاستئنافية إذا رأت أن الفعل المحكوم فيه باعتباره جنحة من الجنايات التي يجوز لقاضي التحقيق إحالتها إلى المحكمة الجزئية طبقًا للمادة (158) تصدر قرارًا بنظرها وتحكم فيها وللنائب العام أن يطعن في القرار..... إلخ).
ومفهوم هذه النصوص أنه إذا تبين لمحكمة أول درجة أو المحكمة الاستئنافية أن الدعوى التي تنظرها من اختصاص محكمة الجنايات تحكم بعدم اختصاصها أو تحيلها إلى محكمة الجنايات إذا كان الفعل جنحة من الجنح التي تقع بواسطة الصحف أو غيرها من طرق النشر على غير الأفراد وأنه إذا حكمت بعدم الاختصاص لأن الفعل جناية فلمحكمة أول درجة إذا كانت الدعوى قد تم تحقيقها أمامها أو بواسطة سلطة التحقيق وكانت الأدلة كافية أن تحيلها إلى غرفة الاتهام وللمحكمة الاستئنافية إذا كان قد تم تحقيقها بمعرفة سلطة التحقيق أو أمام محكمة أول درجة أن تحيلها مباشرةً إلى محكمة الجنايات، فإذا كان الفعل جناية من الجنايات التي يجوز لقاضى التحقيق إحالتها إلى المحكمة الجزئية فللمحكمتين أن يصدرا قرارًا بنظر الدعوى ويحكمها فيها، أما إذا كانت الأدلة غير كافية فلهما أن يصدرا قرارًا بأن لا وجه لإقامة الدعوى، فالحكم بعدم الاختصاص لأن الواقعة جناية لا يترتب عليه إعادة الأوراق إلى النيابة العامة لتجري شؤونها فيها باعتبارها سلطة الاتهام والأمينة على الدعوى العمومية وإنما يعطي لكل من المحكمتين أما حق تحريك الدعوى فقط وتقديمها إلى غرفة الاتهام أو محكمة الجنايات أو التقرير بأن لا وجه إن كانت قد تم تحقيقها من سلطة مختصة بالتحقيق أو حق تحريكها والحكم فيها إذا كانت الجناية من الجنايات التي يجوز لقاضى التحقيق إحالتها إلى المحكمة الجزئية طبقًا للمادة (158) من قانون الإجراءات وللمحكمة عندئذٍ إذا لم تكن الدعوى محققة أن تتولى تحقيقها بنفسها وتحكم فيها.
ثالثًا: حق المحاكم المدنية في تحريك الدعوى الجنائية والحكم فيها:
للمحاكم المدنية حق تحريك الدعوى الجنائية والحكم فيها في حالة الإخلال بنظام الجلسة فللقاضي المدني عندئذٍ أن يحكم على المخل بحكم غير قابل للاستئناف بالحبس أربع وعشرين ساعة أو بتغريمه جنيهًا واحدًا (المادة 125 مرافعات)، وكذلك لها أن تحرك الدعوى وتحكم فيها على من وقع منه أثناء انعقادها جنحة تعد على هيئة المحكمة أو على أحد أعضائها أو أحد الموظفين بالمحكمة أو من شهد زورًا أمامها (المادة 129/ 221 مرافعات)، وذلك تمكينًا لها من حفظ كرامة القضاء والإسراع في محاكمة من يحاول المساس بها.
أما إذا وقعت بالجلسة جناية أو جنحة غير ما ذكر آنفًا فيقتصر حق المدينة على تحريك الدعوى وعلى رئيس الجلسة أن يأمر بكتابة محضر عن الجريمة التي وقعت وبما يرى اتخاذه من إجراءات وله إذا اقتضى الحال أن يأمر بالقبض على من وقعت منه الجريمة (المادة 128 مرافعات).
ويبين مما تقدم أن حق المحاكم الجنائية في تحريك الدعوى الجنائية والحكم فيها أوسع من حق المحاكم المدنية ولا غرابة في ذلك إذ المفروض أنها أقدر من غيرها على الحكم في الوقائع الجنائية فضلاً عن أن النيابة العامة ممثلة فيها وهي صاحبة سلطة الاتهام بصفة أصلية وأوجب القانون على المحكمة الجنائية أن تسمع أقوالها قبل الحكم في الدعوى.
رابعًا: حق قاضي التحقيق في تحريك الدعوى الجنائية والحكم فيها:
فصل المشروع بين سلطتي الاتهام والتحقيق وجعل الأولى بصفة أصلية في يد النيابة العامة والثانية في يد قاضي التحقيق وحده بالنسبة للجنايات، أما الجنح فاختصاص التحقيق فيها للنيابة العامة وقاضي التحقيق معًا فلا يدخل في اختصاص قاضي التحقيق حق تحريك الدعوى العمومية أو مباشرتها وعلة الفصل بين السلطتين كما جاء بالمذكرة التفسيرية للقانون هو أن في الفصل بينهما ضمانًا أوفى للمتهم كما أن اختصاصات قاضي التحقيق الواسعة تجعله أقدر من غيره على إنجاز التحقيقات بالسرعة الواجبة حتمًا لأمن الدولة وحرية الأفراد - فليس من اختصاص قاضي التحقيق إذن أن يحرك الدعوى العمومية أو يباشرها وتنفيذًا لذلك نص صراحةً على أن قاضي التحقيق لا يتولى التحقيق إلا إذا طلبت النيابة العامة منه ذلك أو أخطرته بوقوع جناية في حالة تلبس - إلا أنه أعطى في حالات ضيقة نص عليها صراحةً حق تحريك الدعوى ومباشرتها والحكم فيها بقصد تمكينه من أداء واجبه على خير وجه فنص في المادة (72) من القانون على أنه يكون لقاضى التحقيق ما للمحكمة من الاختصاصات فيما يتعلق بنظام الجلسة، ويجوز الطعن في الأحكام التي يصدرها طبقًا لما هو مقرر للطعن في الأحكام الصادرة من القاضي الجزئي وتشير هذه المادة إلى المادتين (243) و(244) من قانون الإجراءات وقد أوضحنا مضمونهما فيما سبق.
ونظرًا للصلة الوثيقة بين عمل المحامى باعتباره ممثل الدفاع والسلطة التي تتولى بالصدق إظهار براءة المتهم وبين رغبة المجتمع في أن لا ينال الجزاء غير المذنب وحتى لا يشعر المحامى أثناء قيامه بواجبه أنه محدود الحرية رئي إحاطة المحامين بما يضمن لهم تأدية واجبهم على خير وجه فنص في المادة (51) من قانون المحاماة رقم (98) لسنة 1944 على أنه (استثناءً من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانوني المرافعات وتحقيق الجنايات إذا وقع من المحامى أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه ما يجوز اعتباره تشويشًا مخلاً بالنظام أو ما يستدعي مؤاخذته تأديبيًا أو جنائيًا يأمر رئيس الجلسة بكتابة محضر بما حدث ويحيل المحضر المذكور إلى النيابة العمومية، وعلى النيابة إجراء التحقيق في ظرف ثلاثة أيام من تاريخ استلام المحضر بمعرفة رئيس النيابة أو من يندب لذلك بعد إخطار مجلس النقابة ليوفد من يمثله وترفع أوراق التحقيق للنائب العام، وللنائب العام أن يحيل المحامى إلى المحكمة الجنائية إذا كان ما وقع منه يعتبر جريمة يعاقب عليها في قانون العقوبات أو يحيله إلى الهيئة التأديبية أو مجلس النقابة إذا كان ما وقع منه مجرد إخلال بالواجب أو تشويش مخلٍ بالنظام، وعلى كل حال لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة التي وقع فيها الحادث أو أحد أعضائها عضوًا في الهيئة التي تحاكم المحامى تأديبية كانت أو جنائية)، ولما أن صدر قانونا الإجراءات والمرافعات الجديدين أن نصا على المبدأ الذي جاء بقانون المحاماة فجاء بالمادة (130) مرافعات، والمادة (245) إجراءات على أنه إذا وقع من المحامى أثناء قيامه بواجبه في الجلسة وبسببه ما يجوز اعتباره تشويشًا مخلاً بالنظام أو ما يستدعي مؤاخذته جنائيًا يحرر رئيس الجلسة محضرًا بما حدث، وللمحكمة أن تقرر إحالة المحامى إلى قاضي التحقيق لإجراء التحقيق إذا كان ما وقع منه يستدعي مؤاخذته جنائيًا وإلى رئيس المحكمة إذا كان ما وقع منه يستدعي مؤاخذته تأديبيًا وفي الحالين لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة التي وقع فيها الحادث أو أحد أعضائها عضوًا في الهيئة التي تنظر الدعوى.
ويفهم من هذه النصوص أن تحقيق الجرائم التي تقع من المحامى بالجلسة والتي تكون متصلة بعمله من اختصاص قاضي التحقيق وأن تحقيق مجرد الإخلال بالواجب أو التشويش من اختصاص رئيس المحكمة الكلية التي وقع بدائرتها الفعل ولا حاجة في الحالين لإخطار مجلس النقابة لإيفاد من يمثله إلا أن هذا لا يمنع الممثل من حضور التحقيق من تلقاء نفسه خاصة إذا كان الذي يجريه قاضي التحقيق.
ويهمنا أن نشير بهذه المناسبة إلى الضجة التي أثيرت حول الحكم الصادر من أحد قضاة التحقيق على أحد مساعدي حكمداري البوليس وما نشر من اتصال رجال البوليس والإدارة بوزارة الداخلية لسن تشريع يحميهم من قضاة التحقيق ويسوى بينهم وبين رجال المحاماة، ولا أرى في هذا المجال الخوض في دواعي الحادث وحقيقته لأن هذا من اختصاص جهات معينة حددها قانون الإجراءات الجنائية وإنما الذي يعنيني في هذا المقام هو الحديث عن التشريع المقترح ومدى صحته من الناحية القانونية والآثار العملية التي يمكن أن تترتب على إصداره وأول ما تجب ملاحظته أن قانون الإجراءات الجنائية فصل بين قاضي التحقيق ورجال الضبطية القضائية عدا النيابة العامة التي لها وحدها الاتصال به فهي التي تطلب منه التحقيق وهى التي تقدم له الاستدلالات التي تلزم للدعوى فلا اتصال بين رجال البوليس والإدارة سواء باعتبارهم من مأموري الضبط القضائي أو من رجال السلطة العامة بالتحقيق ولا بقاضيه واتصالهم قاصر على رجال النيابة العامة باعتبارهم من مأموري الضبط القضائي المشرفين على من عداهم من المأمورين فرجل البوليس ليس من حقه أن يعرض نتيجة تحرياته أو أي عمل قام به على قاضي التحقيق مباشرةً بل يجب عليه أن يعرضه على وكيل النائب العام المنوط به وحده الاتصال بالقاضي، هذا هو المستفاد من نصوص القانون مجتمعه مما يؤكد أن المشروع رأى اتخاذ هذا الطريق عن عمد تمشيًا مع الضرورة التي ألجأته إلى إصدار قانون الإجراءات الجديد والفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق صونًا للمصلحة العامة ومحافظة على حقوق الأفراد وحرياتهم، ولا شك في أن النيابة العامة هي وحدها التي تمثل في الدعوى الجنائية الصالح العام كما أن رجال المحاماة - باعتبارهم الوكلاء عن المتهمين - هم الذين يقومون بواجب الدفاع عنهم والمحافظة على حرياتهم فإذا خصهم المشرع بالحماية أثناء قيامهم بهذا الواجب فمرد ذلك إعطاؤهم كامل الحرية للدفاع عن موكليهم وإظهار براءتهم حتى يحقق غرضًا طالما عملت التشريعات الحديثة على تحقيقه وهو إظهار براءة الجاني بعد أن تحقق الغرض الآخر وهو عدم إفلات المجرم من العقاب بما خوله للنيابة العامة من اختصاصات وشتان إذن بين عمل كل من رجال البوليس والإدارة وعمل رجال المحاماة ولا محل للمقارنة بينهما والقياس بين الحقوق التي خولها الشارع لكل منهما لاختلاف طبيعة العملين، وإنا إذ نقول بهذا الرأي لا نود البتة التقليل من أهمية أعمال رجال البوليس والإدارة المتصلة بالجريمة فهم أسبق الناس إلى مكانها وأقدرهم بمعاونة مرؤوسيهم على السعي وراء جمع الاستدلالات وما يفيد من كشف الحقيقة ولكنهم وقد نيط بهم المحافظة على الأمن مما يكفل منع وقوع الجرائم وزيد من حقوق وسلطان رؤسائهم عليهم وإلحاقهم أصلاً بالسلطة التنفيذية رأى المشرع بحق أن يفصل بينهم وبين سلطة التحقيق وأن يجعل اتصالهم مباشرةً بالنيابة العامة وأتبعهم عند قيامهم بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات التي تلزم للتحقيق والدعوى للنائب العام الذي من حقه أن يطلب إلى الجهة المختصة النظر في أمر كل من تقع منه مخالفة لواجباته، وإذا كان الأمر هكذا فالمفروض قانونًا أنه ليس من حقهم دخول غرفة التحقيق إلا في الحدود التي تسمح لهم بالاتصال بوكيل النيابة وإن كان نرى أنه يجب أن يترك هذا الأمر لقاضي التحقيق الذي له أن يقدر إن كان وجودهم بالجلسة يمس العدالة من عدمه فإن رأى أن في وجودهم أو وجود أحدهم بغرفة التحقيق ما يعرقل سير العدالة فعليه أن يطلب منه مبارحة الغرفة.
والذي يبدو مما تقدم أن التشريع المقترح مخالف للقانون نصًا وروحًا وأنه إذا أريد إصدار قانون به لزم إجراء تعديلات أساسية في قانون الإجراءات الجنائية لا ترجى منها فائدة عملية إلا عرقلة سير العدالة وتفويت الحقوق وإنا نعتقد أن في حكمة قضاة التحقيق ما يدعو إلى الأمل الكبير في عدم تكرار مثل هذا الحادث المؤسف حقًا وندعو رجال البوليس والإدارة إلى التذرع بالصبر عند مناقشة الأدلة والبعد عن كل ما يمكن اعتباره تدخلاً في التحقيق.
مواضيع مماثلة
» انقضاء الدعوى الجنائية
» تقادم الدعوى الجنائية
» لإدعاء والإتهام في الدعوى الجنائية
» انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة
» جمع الاستدلالات ورفع الدعوى في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
» تقادم الدعوى الجنائية
» لإدعاء والإتهام في الدعوى الجنائية
» انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة
» جمع الاستدلالات ورفع الدعوى في ضوء قانون الاجراءات الجنائية
منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر :: الفئة الأولى :: ******* ثانيا : المنتدى القانوني :: ( 2) : موضوعات قانونية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى