ملخص تاريخي عن قناة السويس

قناة السويس هى ممر مائي صناعي حفرة المصريون لربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر ويبلغ طولها 193 كم تمتد من مدينة بورسعيد على البحر المتوسط شمالا وتنتهي عند السويس على البحر الأحمر جنوبا.

استغرق حفر قناة السويس ما يقرب من 10 سنوات وشارك في حفرها ما يربوا على مليون ونصف مصري حينما كان تعداد المصريين لا يزيد عن 5 مليون نسمة ولقد مات منهم أثناء الحفر ما يزيد على 125 ألف مصري نتيجة الجوع والعطش والعمل المستمر.
بدأ العمل فيها في 25 ابريل عام 1859 في عهد الأمير محمد سعيد والى مصر وانتهى العمل بها في نوفمبر 1869 في عهد الخديوي إسماعيل حيث أقام حفل مهيب لافتتاح القناة للملاحة العالمية لأول مرة في التاريخ الحديث، حضرة زعماء وملوك وأباطرة العالم في ذلك الوقت.
تعد قناة السويس أهم شريان ملاحي في العالم يصل الشرق بالغرب والشمال بالجنوب حيث تتحكم في ما يزيد على 40% من حركة السفن والحاويات في العالم
ولكن دعونا نعود بعجلة الزمن للخلف لنتعرف على أولى المحاولات لتوصيل البحرين المتوسط والأحمر من خلال قناة ملاحية حيث لا تعد فكرة قناة السويس سوى فكرة مصرية خالصة ولو أنها لم تكن تقصد ربط البحرين بشكل مباشر ولكن عن طريق نهر النيل حيث تم شق القناة لنفس السبب وردمها عدة مرات تعالوا نستعرضها في عُجاله:
1-   قناة سنوسرت (سيزوستريس)
كانت أولى المحاولات في عام 1850ق.م في عهد الملك سنوسرت الثالث احد أهم ملوك الأسرة 12 من الدولة الوسطي حيث انشأ أول قناة مائية تربط ما بين البحر الأحمر والبحر المتوسط عن طريق النيل سميت هذه القناة قناة سيزوستريس وهى التسمية الإغريقية لـ(سنوسرت) وقد أدى إنشاء هذه القناة إلى ازدياد حركة التجارة بين مصر وبلاد بونت وجزر البحر المتوسط وبالأخص كريت وقبرص
2-   قناة سيتي الاول
عندما تولى الملك سيتي الأول حكم مصر خلفاً لأبيه “رمسيس الأول” مؤسس الأسرة التاسعة عشر، قرر إحياء مشروعات أجداده من حكام مصر العظام والتي أهملت مع مرور الزمن فشرع في حفر قناة تصل البحر المتوسط بالحر الأحمر من خلال نهر النيل وذلك في عام 1310 ق.م.
3-   قناة نكاو الثاني
الملك (نكاو) هو ابن الملك بسماتيك وهو أحد ملوك الأسرة السادسة والعشرين، ويدعى بالملك الجغرافي لأنه اهتم بالكشوف الجغرافية فقد أرسل أسطول علمي للدوران حول قارة أفريقيا لأول مرة في التاريخ وقد فكر (نكاو) في إعادة حفر القناة لتصل بين النيل والبحر الأحمر في عام 610 ق.م، حيث يذكر “هيرودوت” (أن نبكوس “نكاو الثاني” هو أول من شرع في حفر القناة التي تؤدي إلى بحر أروتوري “البحر الأحمر“)
4-   قناة الملك داريوش
منيت مصر بالاحتلال الفارسي في نهاية عصر الأسرة 26، وفي عهد الملك داريوش ملك الفرس ظهرت أهمية برزخ السويس، حيث ازدهرت خطوط المواصلات البحرية بين مصر وبلاد فارس عبر البحر الأحمـر، حيث أعاد الملاحة في القناة بتوسيعها وتنظيفها وتوصيل النيل بالبحيرات المرة، وربط البحيرات المرة بالبحر الأحمر وذلك في عام 510 ق.م.
5-   قناة بطليموس الثاني
بعد غزو الاغريق بقيادة الإسكندر الأكبر لمصر عام 332 ق.م اهتم بإعادة فتح قناة داريوش وذلك لنقل جنوده وسفنه الحربية عن طريق البحر الأحمر من ميناء الإسكندرية وأبي قير بالبحر المتوسط إلا أن المشروع لم يكتمل في عهده فقام بطليموس الثاني (فلادلفيوس) عام 285 ق.م باستكمال القناة والتي اصبحت متاحة للملاحة معظم عصر البطالمة ولكنها أهملت بعد ذلك فطمرتها الرمال.
6-   قناة تراجان الرومانية
خلال حكم الإمبراطور الروماني تراجان قرر أن يعيد لولاية مصر بريقها التجاري فعمل على إحياء القناة وذلك في عام 117 ق.م، وأنشأ فرع جديد للنيل يبدأ من “فم الخليج” بالقاهرة وينتهي في بمحافظة الشرقية، متصلاً مع الفرع القديم الموصل للبحيرات المرة. واستمرت هذه القناة في أداء دورها لمدة 300 عام، ومع مرور الزمن أهملت القناة وأصبحت غير صالحة لمرور السفن.
7-قناة أمير المؤمنين
بعد غزو العرب لمصر 640م وفي عهد الخليفة العادل “عمر بن الخطاب” وعلى يد واليه على مصر “عمرو بن العاص” الذي أراد توطيد المواصلات مع شبه الجزيرة العربية ومصر وشمال إفريقيا فأعاد حفر القناة من الفسطاط إلى القلزم (السويس) وأطلق عليها قناة أمير المؤمنين وكان المشروع في واقع الأمر ترميماً وإصلاحاً للقناة الرومانية القديمة وقد كان ذلك في عام 642م واستمرت هذه القناة تؤدي رسالتها ما بين 100 إلى 150 عاماً إلى أن أمر الخليفة العباسي “أبو جعفر المنصور” بردم القناة تماماً، وسدها من ناحية السويس، منعاً لأي إمدادات من مصر إلى أهالي مكة والمدينة الثائرين ضد الحكم العباسي.
ومن ذلك الوقت اختفت القناة إلى أن ظهرت محاولات الفرنسيين من خلال حملة نابليون عام 1799م شق قناة تربط بين البحريين مباشراً ولكن التقديرات في منسوب مياه البحر المتوسط والأحمر أخطأت فالغي المشروع
في عام 1840 قام محمد علي بتكليف المهندس الفرنسي لينان دي بلفون لوضع مشروع لربط البحرين عن طريق قناة مباشرة والذي أكد في دراسته انه لا خطر من علو منسوب احد البحرين عن الأخر
ولم تدخل القناة حيز التنفيذ إلا في عهد محمد سعيد باشا والي مصر وعلى يد فيرديناد دي لسبس حينما حصل على موافقة الحكومة المصرية على شق القناة حيث اشرف على المشروع كلا من دي لسبس ودي بلفون وموجيل..شقت القناة بأموال وأيادي مصرية وعلى ارض مصرية ونال الأجانب الإمتيازات والإدارة والإيرادات وحرم المصريون كل شيء وظلت القنال ارض للأجانب مزروعة في قلب مصر حتى كان القرار الأهم والأخطر في تاريخ مصر في القرن العشرين قرار الزعيم الخالد جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس وإعادة الحق لأصحابه.