منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر
*منتدي شعبان مجاورعلي المحامي يشرفه زيارتكم وتسعده المشاركة*

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر
*منتدي شعبان مجاورعلي المحامي يشرفه زيارتكم وتسعده المشاركة*
منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشروع في الجريمة

اذهب الى الأسفل

الشروع في الجريمة Empty الشروع في الجريمة

مُساهمة من طرف شعبان مجاورعلي المحامي الجمعة 24 يونيو 2011, 10:40 pm

الشروع في الجريمة
مقــــــــــــــــــــدمة : ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن التشريعات الجنائية المعاصرة تحتفظ أساسا بفكرة الواقعة الإجرامية و تقيم فلسفة قانون العقوبات عليها دون أن تهمل قيمة العوامل الشخصية في تحديد النموذج التشريعي للجريمة في تقدير العقوبة.
لذلك يعاقب القانون على الأفعال المادية التي تتطابق مع نص التجريم و التي تكون ماديات الجريمة فالقانون لا يعاقب على النوايا مهما كانت إجرامية دون أن يعبر عنها بفعل مادي ملموس ينتج أثره في العالم الخارجي فالجريمة هي الإعتداء الذي يصدر من الجاني
ضد المجني عليه مخلفا له نتيجة ضارة و على ذلك نلاحظ أن عناصر الركن المادي للجريمة المادية هي السلوك أو الفعل الإجرامي و النتيجة الإجرامية المتحققة و أخيرا العلاقة التي تربط بين الفعل و النتيجة و تدعى العلاقة السببية و إذا تم و استنفذ الجاني كل نشاطه و أفعاله فإنه يرجو و ينتظر تحقق النتيجة فإذا تحققت تمت الجريمة و إذا لم تتحقق تبقى الجريمة ناقصة و بذلك فالنتيجة هي الأثر المادي الذي يتحقق.
فالجرائم المادية هي التي تتحقق فيها النتيجة الإجرامية و يتحقق الضرر للمجني عليه لكن في بعض الأحيان ينفذ الجاني كل نشاطه الإجرامي لكن يتعذر عليه تحقيق النتيجة الإجرامية هنا تكون النتيجة القانونية أي الضرر لم يلحق بالمجني عليه و إنما إعتدى عليه و على مصالحه التي يحميها القانون و هذا ما يطلق عليه الشروع، و بما أن القانون يحمي المصالح و يعاقب على الجرائم التي تلحق أضرار بتلك المصالح فكذلك يعاقب على محاولات الإعتداء عليها لأنه من المحتمل أن تصير هذه المحاولات حقيقية.
و عليه فإن الشروع هو مجرد مرحلة يبدأ فيها الجاني في تنفيذ نشاطه الإجرامي و لكنه لا يحقق النتيجة و القانون يعاقب على النتيجة التي تتحقق و تسبب الضرر للمجني عليه، فما حكم الشروع ؟هل يعاقب عليه ؟ و إن كان هناك عقاب فهل هو بنفس عقوبات الجريمة التامة ؟
***الشروع في الفقه الاسلامي :
لايوجد نظرية مستقلة خاصةعَرفها فقهاء الشريعة الاسلامية تعالج الشروع في الجريمة ...حتى انهم لم يعرفوا لفظ الشروع اصلاً... ولكن هذا لايعني انهم لم يعرفوها مضمونا وموضوعا... إذ أنهم فرقوا بين الجريمة التامة والجريمة غير التامة...والجريمة غير التامة هي ماتعرف بالشروع في الجريمة ....في اصطلاح القوانين الوضعية...

وتنحصر اسباب عدم وجودها وورودها في الشريعة الاسلامية بما يلي:

اولا: ان الشروع في الجرائم لا يعاقب عليه بحد او قصاص...وانما بالتعزير ايا كان نوع الجريمة.
ثانيا : ان قواعد الشريعة الاسلامية ...الموضوعة للعقاب على التعازير ...منعت من وضع قواعد خاصة للشروع في الجرائم...لان قواعد التعزير بمضمونها كافية للحكم على جرائم الشروع...فالجرائم الحدية يعاقب عليها بالحد...وجرائم القصاص يعاقب عليها بالقصاص...والتعزير يكون بحق كل معصية غير معاقب عليها بحد او كفارة... فعندما يهم السارق بتسلق جدار منزل ما لسرقته...ولكن قبض عليه قبل اتمام السرقة ...او الزاني الذي تجرد من ملابسه وبدأ بالتقبيل...ولكن تم القبض عليه قبل الايلاج...فلا يطبق بحق كل منهما الحد_القطع/القتل_ وانما يطبق بحق كل منهما التعزير...فالتعزير هنا تم بحق شروع بجرائم حدية لم تكتمل ولم تصل الى درجة الحد ...
إذاً هنا يتبين لنا...ان قواعد واحكام التعزير حالت او ادت الى عدم الحاجة الى وضع نظرية خاصة بالشروع في الجريمة...
نخلص من ذلك... ان الحد والقصاص يكون بحق الجرائم التامة...والتعزير يكون بحق الجرائم غير التامة...التي هي بحد ذاتها معصية...والمعصية هي الفعل الذي يعتبر اعتداء على حق الله او حق لاحد الافراد...
من هذا وذاك...نقول بأن احكام الشريعة الاسلامية عرفت نظرية الشروع في الجرائم... قبل القوانين الوضعية بألف وأربع مائة سنة...والقول بخلاف ذلك خطأ... وان لم تعالجها كما عالجتها القوانين الوضعية...طريقة او لفظا...فمن القواعدالمعروفة بالشريعة الاسلامية : لامشاحة بالالفاظ...وان العبرة بالمعاني دون الالفاظ...
**ونظرية الشريعة في الشروع اوسع مدى منها في القوانين الوضعية...فهي تعاقب على الشروع في كل جريمة اذا كان الفعل غير التام معصية...وهي تسير على القاعدة دون استثناء...فمن رفع على انسان عصا ليضربه بها فحيل بينه وبين ذلك...فهو مرتكب لمعصية يعزر عليها...اما القوانين الوضعية فتعاقب غالبا على الشروع في اكثر الجنايات...وعلى الشروع في بعض الجنح...دون البعض الاخر...وليس لها قاعدة عامة في هذا...
ومن تطبيقات نظرية الشريعة حالة احداث جرح بقصد القتل...فان الجرح اذا ادى للموت اعتبر الفعل قتلا عمدا...واذا شفي المجني عليه اعتبر جرحا فقط...وعوقب عليه الجاني بعقوبة خاصة...اما اذا اراد الجاني ان يقتل المجني عليه فلم يصبه فان الفعل معصية وفيه التعزير...
مراحل ارتكاب الجريمة واي منها يعد معصية_شروع_في الشريعة الاسلامية:

اولا: مرحلة التفكير والتصميم : ان كل من التفكير والتصميم لا يعد في ذاته معصية...فمن يفكر بقتل شخص اخر او ان يزني بامرائة...فلا يعد من ذلك معصية تستحق التعزير...وبالتالي لا يعاقب عليها...عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" ان الله تجاوز لأمتي عما وسوست او حدثت به انفسها مالم تعمل به او تتكلم".
فقبل الثورة الفرنسية ...أي في اواخر القرن الثامن عشر الميلادي...كان من الممكن ان يعاقب الشخص على النية او التفكير اذا امكن اثباتها ...
فمن اسبق في تقرير هذه القاعدة...الشريعة الاسلامية ام القانون الفرنسي؟؟؟؟
ثانيا : مرحلة التحضير : لاتعتبر مرحلة التحضير هي ايضا معصية تستحق التعزير...فالشريعة الاسلامية لاتعاقب على اعداد وسائل الجريمة...من شراء مفك او سكين او مفتاح مصطنع ...مالم تكن حيازة الوسيلة في ذاتها جريمة...إذ انه وفي هذه الحالة الاخيرة تعتبر الحيازة في ذاتها معصية...يعاقب عليها...دون الحاجة لارتكاب الجريمة الاصلية...المحل...
ثالثا : مرحلة التنفيذ : هذه المرحلة الوحيدة التي يعتبر فيها افعال الجاني جريمة...اذا كان من شان التنفيذ ارتكاب فعلا في ذاته معصية...فمثلا في السرقة يعتبر كل من تسلق الجدار و كسر الباب وثقب الجدار... معصية تستحق التعزير...وبالتالي شروعا في سرقة .

- العقاب على الشروع :

ان من القواعد الشرعية الحاكمة في الحدود والقصاص...هو ان لا يتساوى عقاب الجريمة التامة...بالجريمة التي لم تتم...او بعبارة اخرى ، ان لا يتساوى التعزير مع الحد في جرائم الحدود والقصاص...لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :" من بلغ حداً في غير حد فهو من المعتدين ". فلا يمكن العقاب على الشروع في السرقة بعقوبة القطع او الشروع بالزنا بالرجم او بالجلد؛لان القطع جعل للجريمة التامة...والتعزير لدونها...وبينهما فرق شاسعز...والحكمة من ذلك..." ان المتهم يرى نفسه قد استحق عقوبة الجريمة التامة بالبدء في تنفيذ لجريمة...فليس ثمة مايغريه بالعدول عنها ".
فمن شرع بالسرقة...ولم تكتمل الجريمة فان الحد هنا هو القطع...ولكن الحد لا محل له هنا لان الجريمة لم تكتمل...وانما الواجب هنا هو التعزير للمعصية ، أي، للشروع...وبالتالي ، هنا يعزر بالجلد او الحبس دون ان يصل الى القطع ...بقدر ما فعل وبقدر ما اكتسب.
وهذه القاعدة فقط يتم اعمالها في الشروع في جرائم الحدود والقصاص المقدرة فقط... .
والقوانين الوضعية لا تخرج عن هذين الاتجاهين...فبعضها يسوي بين عقوبة الشروع وعقوبة الجريمة التامة...وبعضها يعاقب على الشروع بعقوبة اخف من عقوبة الجريمة التامة...

عدول الجاني عن الفعل واثره :

اذا هم الجاني بارتكب الجريمة...فاما ان يتمها...واما ان لا يتمها...فان أتمها كنا بصدد جريمة تامة واستحق عقوبتها...وإن لم يتمها...فعدم الاتمام له اسباب مختلفة....
فاذا كان عدم إتمامها سببه...إكراه الجاني على عدم الإتمام...كان يتم ضبطه من رجال الشرطة...فان ذلك لا يؤثر على مسؤلية الجاني بشيء...مادام الفعل الذي أتاه يعتبر يعتبر معصية ،ويستحق التعزير...
اما اذا كان عدم إتمامها سبب غير التوبة ...كأن يكون قد تسلق الجدار وكسر الباب ولكنه شاهد الحارس...او...لم يحضر أدوات الجريمة كاملة...او...عجز عن حمل الخزنة بمفرده...او...غير ذلك من الأسباب...ففي هذه الحالة يعاقب على الجريمة...بالرغم من عدوله...لأنه عدل لسبب غير التوبة ...ولأن ماوقع منه يعتبر في حد ذاته معصية ...
أما إذا وصل الى باب المنزل... واحضر معه أدوات الجريمة... ولما وصل إلى باب المنزل عدل لأي سبب من الأسباب...فانه لا يعاقب على الشروع ...لان ما فعله لا يعد معصية... فلم يعتدي على حق لله او حق للآخرين.
اما العدول للتوبة...فيرى بعض الفقهاء... في المذهب الشافعي ومذهب احمد...ان التوبة تسقط العقوبة ...لأن القرآن أسقط عقوبة الحرابة بالتوبة... وجريمة التوبة اشد الجرائم... فاذا أسقطت التوبة عن الحرابة العقوبة... كان من الأولى إسقاط التوبة للعقوبة لما دون الحرابة من الجرائم ...ومن باب أولى أيضا.... إسقاط التوبة للجرائم التي لم تتم قال الله تعالى (( إلا الذين تابوا من قبل ان تقدروا عليهم فاعلموا ان الله غفور رحيم )) < المائدة 34 > . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، ومن لا ذنب له ،لا حد عليه" ، وقال رسول الله عليه وسلم في ماعز لما اخبر بهربه :"هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه".
ويشترط هؤلاء الفقهاء لإسقاط التوبة للعقوبة...ان تكون الجريمة مما يتعلق بحق الله...لا بحق الأفراد .
ويرى الإمام مالك وأبي حنيفة وبعض فقهاء مذهبي الشافعي واحمد...ان التوبة لا تسقط العقوبة... إلا في جريمة الحرابة...للنص الصريح... الذي ورد في القرآن الكريم...لان الأصل ان التوبة لا تسقط العقوبة... فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم ماعز والغامدية وقطع الذي اقر بالسرقة وكلهم جاءوا تائبين معترفين على أنفسهم يطلبون ان يتطهروا من ذنوبهم باقامه الحد عليهم...وقد سمى الرسول صلى الله عليه وسلم فعلهم توبة فقال في حق المرأة:" لقد تاب التوبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لو سعتهم " .
فيرى هؤلاء ان العقوبة لا تسقط بالتوبة... لأنها لا تعدوا ان تكون كفارة عن المعصية...ولا يرون ان هناك شبهاً بين الحرابة وغيرها من الجرائم حتى يقاس احدهما على الآخر...فالمحارب شخص لا يُقدر عليه فُجعلت التوبة مسقطة للعقوبة اذا تاب قبل القدرة عليه بتشجيعه على التوبة والامتناع عن الإفساد في الأرض...اما المجرم العادي فهو شخص مقدور عليه دائما وليس هناك ما يدعوا لإسقاط العقوبة عنهم بالتوبة...بل إن العقوبة هي التي تزجره عن الجريمة...زيادة على ذلك... ان القول بأن التوبة تسقط العقوبة يؤدي الى تعطيل العقوبات...
وخلاصة هذا الرأي... ان عدول الجاني عن إتمام جريمته تائبا راجعا الى الله... لايمنع عنه العقوبة كلما اعتبر فعله معصية.
ويرى البعض الآخر من الفقهاء شرطا آخر...وهو ان تكون التوبة مصحوبة بإصلاح العمل... وهذ ا الشرط يقتضي مضي مدة يعلم بها صدق التوبة... ولكن البعض الاخر...يكتفي بالتوبة ولا يشترط إصلاح العمل.
ويرى الإمام ابن تيمية وابن القيم وهما من الحنابلة... وعندهم ان العقوبة تطهر من المعصية ...وان التوبة تطهر من المعصية وتسقط العقوبة في الجرائم التي تمس حقا لله...فالذي يتوب من جريمة من هذه الجرائم سقطت عقوبته...إلا اذا رأى الجاني نفسه ان يتطهر بالعقوبة _من تلقاء نفسه وبملء إرادته_فانه اذا اختار ان يعاقب فانه يعاقب بالرغم من توبته ...ولا تسقط العقوبة.
اما في القوانين الوضعية فان توبة الجاني...لا تسقط العقوبة...وهذا يتفق مع نظرية مالك ومن معه...
ولكن من القوانين الوضعية مالا يعاقب الجاني اذا عدل مختارا عن إتمام الجريمة...ومن هذه القوانين القانون المصري والقانون الفرنسي...وهذا يتفق مع ما يراه بعض الفقهاء المسلمين...من ان التوبة تسقط العقوبة...وبعض القوانين الوضعية لا تخلي الجاني من المسئولية...عن الشروع ولو عدل عن إتمام الجريمة مختارا... كالقانون الفرنسي والقانون الهندي...

***- الشروع في الجريمة المستحيلة :
لا يوجد لدى فقهاء الشريعة الإسلامية ما يعرف اليوم بالجريمة المستحيلة...ما هي الجريمة المستحيلة...الجريمة المستحيلة هي...وكما يعرفها شراح القوانين الوضعية... بأنها هي التي يستحيل وقوعها إما لعدم صلاحية وسائلها...كمن يطلق على آخر بقصد قتله ببندقية لا يعلم أنها غير معمرة...وإما لانعدام موضوعها...كمن يطلق عيارا ناريا على ميت بقصد قتله وهو ميت...وهو غير عالم بموته...
وقد كانت الجريمة المستحيلة محل بحث فقهاء القانون الوضعي ومحل نظرهم ومناقشاتهم في القرن الماضي...فكان البعض منهم يرى العقاب على الشروع في الجريمة المستحيلة ...ويرى البعض الاخر خلاف ذلك...
اما في الوقت المعاصر...يتجه الرأي الى إهمال نظرية الإستحالة... والأخذ بالمذهب المضاد... وهو المذهب الشخصي...
وتقوم هذه النظرية على غرض الفاعل وخطورته...فمتى كانت الأفعال التي قام بها تدل صراحة على قصد الفاعل فهو شارع في الجريمة وتجب عليه عقوبة الشروع...
ورأى أصحاب المذهب الشخصي في الجريمة المستحيلة يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية...إذ يستوي في الشريعة الإسلامية ان تستحيل الجريمة بالنسبة لوسائلها او لموضوعها والغاية منها...فإن ذلك كله لا ينفي مسؤلية الجاني ان كان ما فعله معصية...ولاشك ان محاولة الجاني في الاعتداء على المجني عليه هي في ذاتها معصية... بغض النظر عما اذا كانت المحاولة في كل الأحوال اعتداء على الفرد وعلى امن الجماعة...وما دامت النية الجنائية قد ظهرت وتجسمت في أفعال خارجية أتى بها الجاني بقصد تنفيذ جريمته فهو جانٍ يستحق العقاب كلما تكون من أفعاله معصية...وإذا كان الفعل لم يلحق أذى فعلاً بالمجني عليه...او كانت الجريمة قد استحال تنفيذها...فان ذلك أمر يترك تقديره للقاضي...فيعاقب الجاني بالعقوبة التي تتلاءم مع قصده ... وخطورته والظروف التي أحاطت بتنفيذ جريمته....
**تعريف الشروع في الجريمةفي التشريعات الوضعية :
بعد التفكير في الجريمة و التحضير لها قد يتجه الجاني نحو تنفيذها بالفعل و يقال عندئذ بأنه شرع فيها و لكن فعله لا يصل إلى مرحلة التنفيذ الكامل للجريمة، و في هذه الحالة يعتد المشرع بفعل الجاني و يجرمه في الجنايات و بعض الجنح و عليه فإن تعريف الشروع بوجه عام هو من جرائم الخطر
و ليس من جرائم الضرر لأن النتيجة لم تتحقق بمفهومها المادي بل المدلول القانوني أو بمعنى آخر هو إرتكاب سلوك محظور كله أو بعضه دون إكتمال الركن المادي للجريمة.

والشروع في الجريمة هو أن يأتي الفاعل بقصد ارتكاب الجريمة عملاً من شأنه أن يؤدي مباشرة إلى اقترافها وذلك إذا لم تتم ، ولا يعد شروعاً مجرد العزم على ارتكاب الجريمة أو الأعمال التحضيرية لها أو محاولة ارتكابها..
ركنا جريمة الشروع:
1ـ ركن مادي 2ـ ركن معنوي
أولا الركن المادي: و هو النشاط الخارجي أو السلوك الإجرامي الذي يختلف من جريمة إلى أخرى بحسب نوعها الذي يكشف عن إرادة الجاني في تنفيذ الجريمة.
ـ ويتكون الركن المادي من عنصرين:
أـ البدء في التنفيذ0 :
حيث أن وضع حد بين الأعمال التحضيرية التي لا يعاقب عليها القانون يقتضي وضع معيار ثابت يفصل بين المرحلتين، و لتحديد معيار فاصل في هذا الشأن لا مفرمن الرجوع إلى المعايير الفقهية السائدة في شأنها و قد جرى الفقه على تصنيف الآراء المختلفة التي قيلت في هذه المعايير إلى مذهبين :
المذهب الموضوعي الذي يهتم بالفعل المادي الذي أرتكب فعلا و بخطواته الإجرامية.
و المذهب الشخصي الذي يهتم بإرادة الجاني و إتجاه إرادته إلى السلوك الإجرامي و هو المذهب الذي إستقر عليه العمل في القضاء الفرنسي و الذي أخذ منه المشرع الفرنسي، و يهتم هذا المذهب بخطورة الشخصية الإجرامية للجاني أكثر من الإهتمام بالفعل نفسه.
ب ـ عدم اتمام هذا التنفيذ لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيهابمعني وقف التنفيذ أو خيبة أثره و هو أن يقف هذا التنفيذ أو يخب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها، و هذا يعني أنه يجب ألا يعدل الجاني بإختياره عن تحقيق الجريمة، و وجوب التوقف أو الخيبة لكي لا تصبح جريمة تامة.

ثانياً: الركن المعنوي: (القصد الجنائي)
يشترط في كل جريمة توافر الركن المعنوي و هو ركن القصد الجنائي بمعنى إنصراف إرادة الجاني إلى إرتكاب الجريمة مع العلم بعناصرها القانونية، لذلك يشترط أيضا لقيام الشروع توافر هذا الركن، و القصد الجنائي اللازم توافره في الشروع هو نقس القصد الجنائي الواجب توافره في الجريمة التامة، فالجاني لا يمكن إعتباره شارعا في جريمة إلا إذا إنصرفت نيته إلى إرتكابها تامة، فمثلا إذا كان القصد الجنائي يتطلب في جريمة القتل نية إزهاق الروح و في إختلاس مال مملوك للغير فهو يتطلب نفس النية بالنسبة للشروع في كل من الجريمتين، فإذا نجح الجاني فالجريمة تامة و إذا فشل فالجريمة شروع.
ـ الركن المعنوي في الشروع هو ذاته القصد الجنائي في الجريمة التامة ، فالتمييز الوحيد بينهما (يتعلق بالركن المادي فقط) وخاصة في الجرائم ذات النتيجة.. و الركن المعنوي " قصد إرتكاب جريمة عمدية " و يعني إتجاه إرادة الجاني إلى إرتكاب الجريمة مع العلم بعناصرها القانونية أي القصد الجنائي و هذا يعني أن الشروع يفترض أن الجريمة عمدية فلا شروع في الجرائم غير العمدية.

ـ القصد الجنائي في الشروع هو قصد ارتكاب جناية أو جنحة تامة ، ويجب أن يثبت توافر هذا القصد من خلال الوقائع والظروف والملابسات المحيطة بها..
***ـ ففي الشروع في السرقة على سبيل المثال يلزم أن يكون قصد السارق هو اختلاس المال المسروق وتملكه ، وتطبيقاً إذا لم تتجه إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة التامة فلا يسأل عن شروع فيها وإنما يسأل عن الجريمة التي تتكون من الأفعال التي ارتكبها..
***ـ لا يتوافر الشروع إذا كان قصد الجاني مجهلاًأي لا يتجه إلى نتيجة إجرامية معينة وإن كان يمكن عقابه عن فعله إذا كون جريمة مستقلة ، فمن يدخل منزل الغير دون أن يكون قصده قد اتجه إلى ارتكاب جريمةمعينة فلا يسأل عن شروع وإن كان قد يسأل عن جريمةدخول منزل بقصد ارتكاب جريمة فيه..
***ـ اعتبار القصد الجنائي ركناً في الشروع يستلزم استبعاد الجرائم غير المقصودة من نطاقه فلا شروع في الجرائم غير القصدية ولا شروع في الجرائم المتعدية القصد..
***ـ يجب على محكمة الموضوع أن تبين في حكم الإدانة توافر أركان الشروع والدليل على توافرها وإلا كان حكمها معيباً..
***ـ يستخلص القصد الجنائي في الشروع من خلال وقائع الدعوى وقرائنها وما تنتهي إليه محكمة الموضوع بشأن المسائل السابقة يدخل في نطاق سلطتها ولا رقابة لمحكمة التمييز أو النقض عليها إذ هو بحث في وقائع الدعوى..
***ـ لكن تكييف الأفعال التي صدرت عن المتهم بأنها بدء في تنفيذ جريمة معينة أو مجرد عمل تحضيري لها هو فصل في مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض ، كما يخضع لرقابتها ضرورة ثبوت توافر العدول الاضطراري أي أن عدم إتمام التنفيذ قد حدث لأسباب غير إرادية ولا دخل لإرادة المدعى عليه فيها..
أمثلة:
***ـ دخول المنزل أو كسر الخزانة التي بها المال المسروق يكون مجرد أعمال تحضيرية في السرقة وليست بدء في التنفيذ مهما كان قربها من تنفيذ الجريمة لأنها لا تدخل في الركن المادي لجريمة السرقة كما حدده القانون..
***ـ يكون العدول اضطرارياً في كل حالة يتدخل فيها سبب خارجي يحول بين الجاني وبين تنفيذ الجريمة ، ويضطره مكرهاً على عدم إتمام تنفيذها وسواء كان هذا إكراهاً مادياً أو معنوياً ، فلا يعتبر شارعاً في قتل إنسان من يحاول كسر باب المنزل وبحوزته سلاح الجريمة فيتم القبض عليه أو ضبطه وإن كان يدخل في عداد جريمة أخرى (محاولة اقتحام منزل دون رضا صاحبه(
*ما يعد عدولاً اختيارياً ينفي جريمة الشروع:
العدول الاختياري هو العدول التلقائي الذي يرجع إلى أسباب نفسية خالصة يكون من شأنها عدم استمرار الجاني في تنفيذ الجريمة أو هو العدول الذي يصدر عن الإرادة الحرة للجاني والذي يترتب عليه عدم إتمام الجريمة..
ـ إن هذا العدول ينتج أثره مهما كانت البواعث التي تدفع إليه ، وأثر هذا العدول هو عدم عقاب الجاني عن المحاولة أو الشروع في الجريمة في حالة الشروع الموقوف وتخفيض العقوبة في حالة الشروع الخائب..

ولكي تتضح الرؤيا تماما لابد من التعرض للمراحل التي تمر بها الجريمة
مراحل إرتكاب الجريمة
****الفرع الأول : مرحلة التفكير
و يراد بها مرحلة النشاط الذهني و النفسي الذي يدور داخل شخصية الجاني فتطرأ فكرة إرتكاب الجريمة على ذهنه و يراود نفسه بين دوافع الإقدام على الجريمة و دوافع الإحجام عن إقترافها و بعدها يعقد الجاني العزم على إرتكاب الجريمة.
و المشرع هنا لا يهتم بما يدور في ذهن الشخص و لا يعاقب عليه، إلا إذا ظهر في صورة نشاط خارجي كالإتفاق مع الغير لإرتكاب الجرائم ففي هذه الحالة يرى المشرع أنه يعد فعلا خطيرا يهدد المصالح التي يحميها المشرع فيجرمها.
****الفرع الثاني : مرحلة التحضير
بعد العزم على الجريمة يبدأ الإستعداد لها بأعمال تحضيرية لتنفيذ الجريمة كأن يشتري سلاحا و يتدرب على إستعماله ثم يراقب المجني عليه في مواعيد هو يدرس الأمكنة التي يرتادها، فهذه كلها أفعال تحضيرية لا تعد بدورها شروعا، و تفلت من العقاب بوصفها مرحلة في الجريمة غير أن الشارع قد يرى بعض تلك الأعمال التي تعتبر تحضيرية لإرتكاب جريمة معينة ما يمكن أن يكون فعلا خطرا فيجرمه بصفة جريمة مستقلة كمجرد تقليد المفاتيح، فهو وإن كان عملا تحضيريا بالنسبة لجريمة السرقة إلا أن المشرع رأى بأن هذا الفعل يهدد المصالح التي يحميها القانون فجرمه بصفة مستقلة.
****الفرع الثالث : مرحلة الشروع
إذا تجاوز الجاني مرحلة التحضير للجريمة بدأ في تنفيذها، و بذلك يدخل في مرحلة جديدة تسمى الشروع، و هذا العمل الذي يقترفه الجاني ينطوي على تهديد للمجتمع بخطر معين مما دفع المشرع إلى تجريمه إذا ما وقفت الجريمة عند هذه المرحلة و يتم هذا الوقف إما بسبب تدخل عامل خارجي منع الجاني من الوصول إلى غايته، أو بسبب فشل الجاني في تنفيذ الجريمة رغم قيامه بنشاطه كاملا، و عندئذ يكون بصدد الشروع في الجريمة الذي يعاقب عليه المشرع، و يطلق على الحالة الأولى بالجريمة الموقوفة و الثانية بالجريمة الخائبة.
و بالتالي فإن صفة الشروع في الجريمة تلحق بالركن المادي من حيث تحقق أو عدم تحققه و لا تلحقه هذه الصفة بالركن المعنوي أي القصد الجنائي.
الفرع الثالث : عدم تحقيق النتيجة لسبب لا دخل لإرادة الجاني فيه
يتعين لقيام الشروع ألا تتحقق النتيجة الإجرامية، لسبب خارج عن إرادة الجاني فإذا عدل الجاني اختياريا عن إحداث النتيجة الإجرامية إنتفى الشروع، و يكون عدم إتمام الجريمة لسبب غير إختياري إما لعوامل مادية، كإمساك يد الجاني فبل إطلاق الرصاص على المجني عليه، أو ضبط السارق متلبسا قبل إختلاس المال.
إما نتيجة لعوامل معنوية، كرؤية الجاني رجل الشرطة يقترب منه فيخشى القبض عليه، أو إستيقاظ أهل المنزل و خشية السارق من ضبطه أو إيذائه، أما العدول الاختياري الذي ينفي الشروع فلا بد أن يكون تلقائيا بمعنى أن يكون نتيجة عوامل نفسية داخلية، على أنه ينبغي أن يحصل العدول الإختياري قبل تمام جريمة الشروع في القتل مثلا لأن النتيجة الإجرامية خابت لسبب لا دخل لإرادة الجاني فيه هو عدم إحكام التصويب إتجاه المجني عليه، و يقوم الشروع حتى و لو كان في إمكان الجاني مواصلة إطلاق الرصاص على المجني عليه و عدوله الإختياري عن ذلك لأن هذا العدول جاء متأخر بعد تمام الشروع.
****عقاب على الشروع****
يتعين في دراسة عقاب الشروع البحث في موضوعين :
الأول : تحديد الجرائم التي يعاقب عليها القانون على الشروع فيها.
ثانيا : بيان نوع و مقدار العقاب على الشروع.
أولا : الجرائم التي يعاقب القانون على الشروع فيها : تنقسم الجرائم إلى جنايات و جنح و مخالفات و كقاعدة فالجنايات يعاقب الشروع فيها ، أما الجنح فلا يعاقب على الشروع فيها إلا بنص خاص، أما المخالفات فلا عقاب على الشروع فيها و تفسير هذه القاعدة أنه إذا كانت الجريمة جسيمة فالشروع فيها جسيم بدوره و يستحق العقاب، فإن قلت جسامة الجريمة قلت خطورة الشروع، و تطبيقا لذلك فالجنايات جرائم جسيمة لدلك يعاقب على الشروع فيها أما الجنح فهي أقل درجة لذلك لا يعاقب على الشروع فيها إلا بناءا على نص خاص.
ثانيا : مقدار العقاب على الشروع : تختلف التشريعات الجنائية في عقاب الشروع فتذهب الغالبية العظمى من التشريعات الجنائية إلى تقدير عقوبة للشروع أخف من عقوبة الفعل التام و منها القانون البلجيكي و المجري و الدنمركي و غيرها 0
و البعض الآخر يميز بين هذين النوعين من الجرائم كما يميز في العقاب أيضا بين الشروع و بين الجريمة التامة، فيخفف من عقاب الجريمة الموقوفة و يفرض أشد العقاب على الجريمة الخائبة، أما الجريمة التامة فتلقى أشد من الجريمة الخائبة و تفسير هذا التمييز في عقوبة الشروع و الجريمة التامة يمكن في أن الشروع لا ينال بالإعتداء على الحق الذي يحميه القانون و إنما يقتصر على مجرد تهديده بالخطر و الخطر أقل إضرارا بالمجتمع من الإعتداء أي أن الشروع أقل إضرارا من الجريمة التامة، غير أن هناك بعض التشريعات القليلة تسوي بين عقاب الجريمة التامة و الشروع فيها منها القانون الفرنسي و الروسي و البولوني و الجزائري، و يمكن أن نفسر هذا الموقف أنه إعتداد بالجانب الشخصي للجريمة في تحديد عقابها و القول بأن الإرادة الإجرامية تتوافر في الجريمة التامة، فإن كانت هذه الإرادة أساس العقاب و علته فلا مقر من القول بإيجاد هذا الأساس في الحالتين و من ثم يجب التوحيد بين عقاب الجريمة التامة و الشروع فيها.
***نصوص المواد التي تعرضت للشروع في القانون المصري ***
وجاءت كلها في الباب الخامس منهوهي ::ـــ
الباب الخامس :الشروع
المادة (45(
الشروع هو البدء في تنفيذ فعل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة إذا أوقف أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة الفاعل فيها . ولا يعتبر شروعا في الجناية أو الجنحة مجرد العزم على ارتكابها ولا الأعمال التحضيرية لذلك .
المادة (46(
يعاقب على الشروع في الجناية بالعقوبات الآتية إلا إذا نص قانونا على خلاف ذلك : بالأشغال الشاقة المؤبدة إذا كانت عقوبة الجناية الإعدام . بالأشغال الشاقة المؤقتة إذا كانت عقوبة الجناية الأشغال الشاقة المؤبدة .بالأشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانونا أو السجن إذا كانت عقوبة الجناية الأشغال الشاقة المؤقتة . بالسجن مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانونا أو الحبس إذا كانت عقوبة الجناية السجن .
المادة (47(
تعين قانونا الجنح التي يعاقب على الشروع فيها وكذلك عقوبة هذا الشروع .
***الشروع في بعض القوانين العربية***
**القانون الجزائري
و إن أردنا إعطاء تعريف للشروع حسب القانون الجزائري فلا بد أن نرجع إلى نص المادة 30 و التي تنص على أن :" كل المحاولات لإرتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو بأفعال لا لبس فيها تؤدي مباشرة إلى إرتكابها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقف أو لم يخب أثرها إلا نتيجة لظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها حتى و لو لم يكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها".
كما إعتبر المشرع الجزائري مرحلة الشروع هي المرحلة التي يتجاوز فيها الجاني مرحلتي التفكير و التحضير ليسلك الجريمة، و لكن لا يصل إلى التنفيذ الكامل للجريمة.
و في هذه الحالة يعتد المشرع بفعل الجاني و الجريمة في الجنايات و بعض الجنح و ذلك ما نصت عليه المادتين 30 و 31 من قانون العقوبات.
أنواع الشروع
يتضح من نص المادة 30 نم قانون العقوبات الجزائري أن أنواع الشروع ثلاثة : موقوف، خائب
و مستحيل.
القرع الأول : الجريمة الموقوفة
هو أن يباشر الجاني أعمال بدء التنفيذ و لكن لحيلولة أسباب لم يكن فيها مختارا لم يستطع إتمام الجريمة و وقف على عتبتها، بمعنى آخر يكون الجاني قد بدأ في تنفيذ الجريمة و لم يزل بعد مستغرقا في تنفيذها حيث أنه لو يستنفذ نشاطه الإجرامي، و لكن النتيجة لم تتحقق بسبب ظروف خارجية عن إرادته.
و مثال ذلك أن يدخل لص أحد المتاجر يريد السرقة فيلقى القبض عليه قبل وصوله إلى المال الذي كان يرغب في سرقته فالجاني في هذه الحالة قد بدأ نشاطه و لكن لم يستطع إكماله، أي نشاطه أوقف.
الفرع الثاني : الجريمة الخائبة
و هو أن يستنفذ الجاني كل نشاطه المادي لإرتكاب الجريمة و لكن النتيجة التي يسعى إليها لا تتحقق لعوامل خارجية لا دخل لإرادته فيها كمن يطلق الرصاص فيخطأ الهدف أو يصيبه في غير مقتل و ينجوا المجني عليه من الموت، أم المجرم الذي يطعن شخصا بسكين عدة طعنات، نرى أن الجاني هنا قد إستنفذ كل نشاطه الإجرامي لكن النتيجة لم تتحقق و هي الموت و ذلك لأن المجني عليه أنقذ و أسعف بالعلاج، و في هذا النوع من الشروع في بعض الأحيان يقترن الروع الخائب بالموقوف.
قد يتساءل البعض كيف ؟ نقول : إن صوب الجاني مسدسه نحو المجني عليه و أطلق عدة رصاصات أصابته و لكن دون مقتل و هو كذلك إنتزع منه شخصا آخر المسدس، إذا خاب أمل الجاني في قتل المجني عليه و أوقف عمله بسبب إنتزاع الشخص المسدس من يد الجاني.
الفرع الثالث : الجريمة المستحيلة.
يحدث أحيانا أن الجاني الذي أتم جميع الأعمال التنفيذية اللازمة للجريمة لا يصل إلى غايته في وقوعها لأن تلك الجريمة غير ممكنة الوقوع أبدا و أن الوصول إليها مستحيل فعلا و ذلك ما يسمى بالجريمة المستحلية، كمحالة قتل شخص ميت أو محاولة إجهاض سيدة غير حامل.
فالجريمة المستحيلة إذن هي التي لا يمكن تحقيقها، أن يستحيل أن تتم أو تنتج الغرض منها لسبب يرجع إلى غير إرادة الفاعل.
و ما يفهم هو أن الشروع في الجريمة المستحيلة يشابه تماما الشروع الخائب أي يستنفذ الجاني كل نشاطه الإجرامي لكن نتيجته الإجرامية لا تتحقق أما في الشروع الخائب فإن النتيجة تكون ممكنة الوقوع لو لا تدخل الظروف الخارجية، أما بالنسبة للشروع المستحيل فالجريمة مستحيلة.
• رأي المذهب الموضوعي في الجريمة المستحيلة :
يرى أصحاب هذا المذهب أن الجريمة المستحيلة لا يمكن أن تتحقق و من ذلك لا شروع في هذه الجريمة، و بما أن لا شروع و لا جريمة و لا نتيجة إذن لا مساءلة.
• رأي المذهب الشخصي في الجريمة المستحيلة :
يقولون بأن الفاعل في الجريمة المستحيلة قد أظهر نيته الإجرامية ظهورا واضحا و عد تحقق الجريمة إنما راجع لسبب خارج عن إرادته و هذا لا يعني زوال الخطر على المجتمع فقد بقيت النوايا الإجرامية التي لا تموت و لذا لابد من معاقبة هذا الجاني بغض النظر عن تحقق النتيجة الإجرامية أو إستحالة تحققها.
*** الخاتمة ***
إن الجدل الفقهي الذي ثار حول هذا الموضوع إن دل على شيء إنما يدل على خطورة هذا الفعل و أهميته العملية التي نجد تطبيقات كثيرة في العمل القضائي فيما بعد بدءا في التنفيذ يعاقب عليه، و بين ما هو عمل تحضيري لا عقاب عليه.
إهتمام الفقهاء بالتفرقة بين الجرائم التامة و الجرائم غير التامة و العمل التحضيري و البدء في التنفيذ، و العدول الإختياري و الجريمة المستحيلة هذه كلها أمور ساهمت في تحديد الأعمال التي يعد من قبيل الشروع و حددت أي شروع يمكن العقاب عليه، و المشرع الجزائري كغيره من المشرعين نص على الشروع و عاقب عليه هذا لأن الشروع يهدد مصلحة المجتمع لأن عمله إذا لم يوقف لسبب يجهله فإن النتيجة ستتحقق و بالتالي يكون أستهدف المجتمع.
************وبالله التوفيق **********
شعبان مجاورعلي المحامي
شعبان مجاورعلي المحامي
المدير العام

عدد المساهمات : 1408
تاريخ التسجيل : 05/05/2011
الموقع : مصر

https://shabanavocat.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى