منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر
*منتدي شعبان مجاورعلي المحامي يشرفه زيارتكم وتسعده المشاركة*

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر
*منتدي شعبان مجاورعلي المحامي يشرفه زيارتكم وتسعده المشاركة*
منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مباشرة التحقيق بمعرفة قاضي التحقيق في ضوء قانون الاجراءات الجنائية

اذهب الى الأسفل

مباشرة التحقيق بمعرفة قاضي التحقيق في ضوء قانون الاجراءات الجنائية  Empty مباشرة التحقيق بمعرفة قاضي التحقيق في ضوء قانون الاجراءات الجنائية

مُساهمة من طرف شعبان مجاورعلي المحامي الأربعاء 04 يونيو 2014, 1:57 pm

مباشرة التحقيق بمعرفة قاضي التحقيق
نص قانون الإجراءات في المواد من (64 - 197) على نظام قاضي التحقيق وكيفية مباشرته التحقيق والتصرف في الدعوى واستئناف الأوامر الصادرة منه.... إلخ وهذه المواد تقابل المواد (57 - 127) من قانون تحقيق الجنايات الملغى الخاصة بالتحقيق بمعرفة أحد قضاة التحقيق مع فارق أساسي - بخلاف الفوارق الأخرى التي سنشير إليها في حينما - بينهما مرده جعل سلطة التحقيق في الجنايات في يد قاضي التحقيق دون غيره بمعنى أن النيابة ملزمة الآن بإحالة الجناية إلى قاضي التحقيق إن رأت أن الاستدلالات التي جمعت فيها كافية للسير في الدعوى خلافًا لما كانت تنص عليه المواد (29) وما بعدها، 43/ 2، (57) من قانون تحقيق الجنايات الملغى التي كانت تجعل من النيابة العامة سلطة تحقيق في الجنايات وتجيز لها فيها وفي جنح التزوير والنصب والتفالس وخيانة الأمانة أن تطلب من رئيس المحكمة الابتدائية ندب أحد قضاته لمباشرة التحقيق وكان ورود النص بهذه الصورة مدعاة إلى استقرار العمل على أن تتولى النيابة العامة تحقيق جميع الجنايات والجنح ولم تطلب ندب قاضٍ لتولي التحقيق إلا في حالة أو حالات معدودة فصارت بذلك نصوص قانون تحقيق الجنايات المشار إليها آنفًا حبرًا على ورق، ورغم أن النيابة العامة كانت تقوم بواجبها على خير وجه ولم يرتفع صوت بالشكوى من تصرفاتها في التحقيق إلا في حالات نادرة للغاية وفي جرائم خاصة فإن النظام الملغى الذي كان يجعل سلطتي التحقيق والاتهام في يدها معيب من الناحية الفنية إذ أنه يخول لجهة واحدة سلطتين متعارضتين في الفصل بينهما ضمان أو في للمتهم وتقدير أسمى بصالح المجتمع الذي يهمه عدم إفلات الجاني الحقيقي وظهور براءة البريء فضلاً عن أن الضرورات العملية توجب أن يكون التحقيق في يد قاضٍ لما له من دراية أساسها طول العهد به في خدمة القضاء ومباشرة التحقيقات ولما خوله القانون من سلطات واسعة تكفل إنجاز التحقيق بالسرعة الواجبة ولأن في إيجاد هذا النظام ما يبعث في نفس المتهم الشعور بالاطمئنان فيبدي ما لديه من دفاع أو أقوال قد يكون من مصلحة العدالة الإفضاء بها ولأنه - رغم ارتفاع رجال النيابة عن مستوى الشبهات - قد ينساق أحدهم في حالة لاشعورية في تيار الاتهام الذي يمثله ويسعى إلى تدعيمه، لهذه الأسباب ولغيرها عمد المشرع المصري الحديث إلى تركيز التحقيق في الجنايات في يد قاضي التحقيق وحده وأوجب على النيابة العامة إحالة الأوراق إليه إن رأت أن الاستدلالات كافية للسير في الدعوى وذلك لخطورتها ولما لها من أثر شديد على أمن المجتمع وحياة المتهم على السواء وجعل التحقيق في الجنح من اختصاص النيابة العامة وقاضي التحقيق معًا فالأولى أن تتولاه بنفسها أو أن تحيله إلى القاضي.
ويهمنا في هذا المقام النصوص الخاصة بإحالة الجناية إلى قاضي التحقيق لمعرفة مدى حدود التزام النيابة بإحالتها إليه ومعنى هذه الإحالة ومداها، وأول هذه النصوص نص المادة 63/ 3 إجراءات الذي جاء على الوجه الآتي: (وإذا رأت - أي النيابة - في مواد الجنايات أن الاستدلالات التي جمعت كافية للسير في الدعوى تحيلها إلى قاضي التحقيق) ثم نص المادة (67) إجراءات الذي ورد على الوجه الآتي: (لا يجوز لقاضي التحقيق مباشرة التحقيق في جريمة معينة إلا بناءً على طلب من النيابة العامة أو بناءً على إحالتها إليه من الجهات الأخرى المنصوص عليها في القانون) ثم المادة (69) إجراءات ونصها: (متى أحيلت الدعوى إلى قاضي التحقيق كان مختصًا دون غيره بتحقيقها)، وأخيرًا نص المادة (198) إجراءات وهو: (يجب على النيابة العامة في الجنايات المتلبس بها أن تنتقل فورًا إلى محل الواقعة طبقًا للمادتين (31) و(32) من هذا القانون ويجب عليها أن تخطر قاضي التحقيق بانتقالها دون أن تكون ملزمة بانتظاره)، ويستفاد من مجموع هذه النصوص أمران أساسيان:
أولهما: أنه ليس لقاضي التحقيق مباشرة التحقيق في جريمة ما إلا إذا طلبت منه النيابة العامة ذلك أو أحيلت إليه من الجهات الأخرى المنصوص عليها في القانون.
وثانيهما: أنه متى أحيلت الدعوى إلى قاضي التحقيق أصبح وحده المختص بتحقيقها والتصرف فيها ومرد هذين الأمرين الأخذ بمبدأ الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق وقصر الأولى - بصفة أصلية - على النيابة العامة وتركيز الثانية في يد قاضي التحقيق، فليس من اختصاص القاضي توجيه الاتهام أو البحث عن الجرائم فيمتنع عليه إذن قبول التبليغات والشكاوى من أصحاب الشأن مباشرةً والنيابة باعتبارها صاحبة الاتهام هي الواسطة بينهما وهى التي تخطره بها وتطلب منه تولي التحقيق، كما أنه ليس للنيابة العامة وقد أخطرته أو طلبت منه تولي التحقيق في جريمة ما أن تطلب منه إعادة الأوراق إليها لاستكمال الاستدلالات أو التحقيق أو التصرف فيها.
متى يجب على النيابة العامة إخطار قاضي التحقيق في الجناية ليتولى التحقيق أو إحالة أوراقها إليه ليتولاه:
أشرنا في أبحاثنا الماضية إلى الحالات التي يمكن فيها للجهات الأخرى - غير النيابة العامة - إحالة جريمة معينة إلى قاضي التحقيق لمباشرة التحقيق فيها ومدى اختصاص هذه الجهات في تحريك الدعوى ومباشرتها استثناءً، وما يعنينا الآن هو بحث مدى التزام النيابة بإخطار قاضي التحقيق في الجنايات لمباشرة التحقيق.
والذمفهوم من مراجعة نصوص المادتين 63/ 3 و(198) إجراءات أن القانون فرق بين حالة وقوع جناية متلبس بها والحالة التي تكون فيها الجناية غير متلبسة فألزم النيابة العامة في الحالة الأولى بأمرين:
أولهما: الانتقال فورًا إلى محل الواقعة طبقًا للمادتين (31) و(32) إجراءات.
وثانيهما: إخطار قاضي التحقيق بانتقالها دون أن تكون ملزمة بانتظاره، وترك الحالة الثانية دون تكليف استنادًا إلى انعدام الضرورة للانتقال الفوري وإخطار قاضي التحقيق به في الجنايات غير المتلبس بها وهى التي مضى على وقوعها وقت طويل لا يحتمل معه أن ينتج الانتقال أو التحقيق الفوري أثرهما فأعطى للنيابة الحق في أن تجمع الاستدلالات فيها على مهل ثم تخطر القاضي إن رأت أنها كافية للسير في الدعوى ويبدو بوضوح أن المشرع قصد بإيجاد المادتين التمييز بين الحالتين بالنص على الحالة الأولى في المادة (198)، وعلى الحالة الثانية في المادة 63/ 3 وفرض على النيابة في المادة (198) إخطار قاضي التحقيق فور إخطارها بجناية متلبس بها لينتقل هو ويتولى تحقيقها واعتبر هذا الإخطار طلبًا من النيابة العامة موجهًا لقاضي التحقيق بتولي التحقيق على أن يكون لها مطلق الحرية في الانتقال فورًا لمحل الواقعة دون انتظاره وعلى القاضي في هذه الحالة الانتقال لمكان الواقعة ومباشرة التحقيق وعلى النيابة، إن كانت قد انتقلت قبله، تسليمه محضر جمع الاستدلالات التي أجرته وما يكون قد ضبط من أشياء متصلة بالجريمة، فإذا وصل القاضي لمكان الحادث قبل ممثل النيابة تولى على الفور التحقيق، ويؤكد ما ذهبنا إليه من وجوب انتقال القاضي نص المادة (198) إجراءات وإلا لم يكن هناك داعٍ لإخطار قاضي التحقيق بالحادث وبانتقال النيابة فيه اكتفاء بما عساه تنتهي إليه النيابة بعد جمع الاستدلالات من طلب التحقيق من القاضي إن كانت هذه الاستدلالات كافية للسير في الدعوى ولأصبح ما جاء في نهاية المادة من عدم إلزام النيابة بانتظار قاضي التحقيق لغوًا لا معنى له وهو ما ننزه المشرع من الوقوع فيه، ولا شك في أن المشرع - وقد ألزم قاضي التحقيق الانتقال في الجنايات المتلبس بها - كان مصيبًا للغاية ومقدرًا خير تقدير لظروف هذه الجنايات والفائدة المرجوة من السرعة في الانتقال والتحقيق وإجراء المعاينات وفحص المتهمين واستجواب الشهود، وإذا قلنا بعكس ذلك لصعب تمحيص الأدلة وتحقيقها ولأمكن أن تمتد يد العبث إلى مكان الجريمة ولأمكن التأثير على شهود الإثبات والنفي بما يتفق وهوى صاحب المصلحة في ذلك.
ولقد شرحنا فيما تقدم من أبحاث متى تكون الجناية في حالة تلبس وقلنا إنه من الممكن أن تكون الجناية متلبس بها رغم عدم معرفة الجاني فيها وانتهينا إلى القول بضرورة انتقال عضو النيابة المختص لمكانها فهل يلزم دائمًا انتقال قاضي التحقيق لمباشرة التحقيق ؟
الجواب على ذلك أنه ملزم قانونًا بالانتقال للأسباب التي أوردناها آنفًا ولكنا نرى من الوجهة العملية أن لا فائدة دائمًا من انتقاله فور إخطاره وأنه يجب التفرقة بين حالتين:
1 - حالة ما إذا كانت الجناية متلبس بها وموجه فيها الاتهام لشخص أو أشخاص معينين بدلائل في ظاهرها الجدية.
2 - حالة ما إذا كانت الجناية متلبس بها ولم يوجه فيها الاتهام لشخص أو أشخاص معلومين أو موجه فيها الاتهام لشخص أو أشخاص معلومين بدلائل ظنية كأن يكون أساس الاتهام قيام العداء أو الثأر أو ما شابه ذلك.
ويجب على قاضي التحقيق الانتقال في الحالة الأولى بمجرد إخطاره ليتولى تحقيق الواقعة وتمحيص الأدلة قبل المتهمين حتى يمكن القول بعد تحقيقه أن الدلائل كافية أو غير كافية أو أنها صحيحة أو غير صحيحة أو أن ركنًا من أركان الجريمة غير متوافر أو أن ظرفًا مانعًا من العقاب أو المسؤولية قد قام فكل هذه الأمور تحتاج في تحقيقها لعناية خاصة وسرعة خاطفة حتى يبت في أمر المتهم سريعًا ولا يبقى أمره معلقًا مدة طويلة نتيجة عدم انتقال قاضي التحقيق ثم إرسال الأوراق إليه من النيابة بعد مدة طالت أم قصرت هذا فضلاً عن احتمال ضياع آثار الجريمة ومادياتها المتصلة بالمتهمين نتيجة تأخير القاضي في الانتقال أو عدم إخطاره من النيابة فور إخطارها في مثل هذه الجنايات ويمكن اعتبار صورة إشارة الحادث المبلغة للقاضي طلب تحقيق كتابي يتضمن ملخص الوقائع والتهمة المسندة للمتهمين.
أما في الحالة الثانية فيكفي انتقال عضو النيابة المختص بمباشرة جمع الاستدلالات فإن أسفرت استدلالاته عن وجود اتهام يغلب فيه الجدية أخطر قاضي التحقيق به لينتقل لمحل الواقعة ويباشر التحقيق فإن لم تسفر الاستدلالات عن اتهام جدي - وهو الغالب - فلا محل لإخطار القاضي ولممثل النيابة أن يستمر بمعاونة باقي المأمورين في تعقب الجريمة والبحث عن الجناة حتى إذا تأكد له أنه من غير الممكن معرفة الجاني أمر بحفظ الأوراق.
أما الجنايات غير المتلبس بها فلم يرَ المشرع داعيًا لانتقال النيابة لمحال وقائعها فور إخطارها وإخطار قاضي التحقيق بهذا الانتقال ومن ثم فنص المادة (198) إجراءات لا يتضمن الأحكام الخاصة بها وإنما الذي ينظم هذه الأحكام هو نص المادة 63/ 3 إجراءات الذي جاء به أنه إذا رأت النيابة أن الاستدلالات التي جمعت في الجناية كافية للسير في الدعوى تحيلها إلى قاضي التحقيق ولا نزاع في اختلاف مضمون هذا النص عن نص المادة (198) إجراءات الذي سبق شرحه إذ المستفاد منه أن النيابة تقوم بجمع الاستدلالات في الجناية بأية وسيلة وفي أي مكان دون أن تنتقل لمكان الواقعة وإلا لما كان هناك وجه لورود المادة (198) وتخصيصها ببيان أحكام الجنايات المتلبس بها المفروض فيها كفاية الاستدلالات للسير في الدعوى مقدمًا أخذًا بالأحكام المنظمة لحالة التلبس بخلاف الحالة العكسية التي يغلب فيها أن لا تكون الاستدلالات الأولية كافية للسير في الدعوى مما يستلزم العمل على تقويتها بمعرفة النيابة العامة ومعاونيها من رجال الضبط القضائي فإذا أسفر البحث والتحري عن تدعيمها بحيث تكون كافية للسير في الدعوى قبل متهم معين أحيلت الأوراق إلى قاضي التحقيق ولا يشترط أن يؤدي تحقيق هذه الاستدلالات إلى إحالة المتهم حتمًا إلى الجهة المختصة بمحاكمته فيكفي أن يدل ظاهر الاستدلالات التي جمعت على أن هناك دليل قبل شخص معين لتحيل النيابة الأوراق إلى القاضي ليقوم بتحقيق هذا الدليل وما عساه يستجد من أدلة أخرى وللقاضي أن يباشر التحقيق بمكتبه وأن ينتقل لأي مكان يرى فائدة في الانتقال إليه.
وهناك جنايات معينة يمكن أن تأخذ دائمًا حكم الجنايات غير المتلبس بها من ناحية إمكان تحقيقها بدون انتقال من النيابة أو القاضي إلا إذا دعت الضرورة لإجراء معاينات فيها ومن ناحية إمكان إحالتها إلى القاضي بعد جمع الاستدلالات فيها وثبوت كفاية هذه الاستدلالات للسير في الدعوى قبل متهم أو متهمين معينين وهى الجنايات المنصوص عليها في المواد من (51 - 54) و(236) و(240) عقوبات، وفي المادة 9/ 3 من القانون رقم (58) لسنة 1949 ومعظم الجنايات المنصوص عليها في المواد (211 - 214) عقوبات والعلة في ذلك كثرة عدد هذه الجنايات - عدا جنايات التزوير - وقلة أهميتها ولأنها في الواقع جنح عادية انقلبت إلى جنايات لظروف خارجة عن ماهيتها أو عن إرادة الجاني ولن الأدلة في جنايات التزوير ثابتة في الغالب ويحتاج تحقيقها إلى وقت طويل.
ولم يجعل القانون لطلب التحقيق الموجه من النيابة إلى القاضي في جريمة معينة شكلاً خاصًا والمهم أن يكون هذا الطلب مكتوبًا ومبينًا فيه الواقعة أو الوقائع المطلوب تحقيقها وأسماء المتهمين وألقابهم وكل ما يتصل بتعريف أشخاصهم، ولقد قلنا فيما سبق أن صورة إشارة الحادث المبلغة لقاضي التحقيق في جناية متلبس بها تعتبر طلبًا موجهًا إليه بتولي التحقيق.
هذا هو التنظيم العملي المستمد من فقه قانون الإجراءات الجنائية لكيفية أداء قضاة التحقيق لأعمال التحقيق المنوطة بهم أداءً سليمًا منتجًا لكافة الآثار التي أرادها الشارع من تركيز سلطة التحقيق في الجنايات في أيديهم وهو تنظيم - إن التزمت حدوده - مانع مما عساه يحدث من خلاف بين ممثلي النيابة العامة وقضاة التحقيق أساسه اختلاف وجهات النظر في كيفية تنظيم أعمال التحقيقات، هذا فضلاً على أنه مانع من إطالة الإجراءات وتضييع الجهد في غير ما فائدة، وإني أهيب بالمختصين في وزارة العدل أن يضعوا بالاشتراك مع رجال النيابة العامة التعليمات الكفيلة بتنفيذه في كافة أنحاء البلاد منعًا من استمرار الارتباك الملموس في العمل وهو ارتباك أدى إلى القول بانعدام الفائدة من تنفيذ القانون وإلى المناداة بإلغائه وخاصة إذا لاحظنا أن تكرار استجواب الشهود والمتهمين مدعاة إلى الاختلاف في الأقوال ومغزاها ووسيلة إلى التأثير فيهم الأمر الذي يضر في الغالب بالحقيقة وحدها.

متى تحال الجنحة إلى قاضي التحقيق لتحقيقها

نصت المادة (63/ 2) إجراءات على أنه (للنيابة العامة في مواد الجنح إذا رأت أن هناك محلاً لإجراء تحقيق أن تحيل الدعوى إلى قاضي التحقيق أو أن تتولى هي التحقيق طبقًا للمادة (199) وما بعدها من هذا القانون)، ونصت المادة (199) على أن (النيابة العامة أن تباشر التحقيق في مواد الجنح طبقًا للأحكام المقررة لقاضي التحقيق مع مراعاة ما هو منصوص عليها في المواد التالية)، وأعطت المواد التالية للنيابة الحق في حبس المتهم احتياطيًا لمدة الأربعة الأيام التالية للقبض عليه أو تسليمه إليها إذا كان مقبوضًا عليه من قبل فإن رأت مد الحبس الاحتياطي وجب عليها عرض الأوراق على قاضي التحقيق ليأذن بمده مدة أو مددًا متعاقبة لا يزيد مجموعها على خمسة وأربعين يومًا فإن لم ينته التحقيق بعد انقضاء هذه المدة وجب إرسال الأوراق إلى قاضي التحقيق ليتولى هو إجراء التحقيق (م203 إجراءات) وأخيرًا نصت المادة (207) على أن (لقاضي التحقيق عرضت عليه الأوراق بناءً على المواد السابقة أن يتولى بنفسه التحقيق في الدعوى)، وهذه المادة تشير إلى المادتين (205)، (206)، وقد أعطت المادة الأولى منهما لقاضي التحقيق حق تقدير كفالة للإفراج عن المتهم كلما طلبت النيابة العامة منه الأمر بامتداد الحبس، فأوجبت الثانية على النيابة العامة استئذان قاضي التحقيق في تفتيش غير المتهمين أو منازلهم أو ضبط الخطابات والرسائل.
ويفهم من مجموع النصوص المشار إليها آنفًا أن للنيابة الحق في أن تتولى تحقيق الجنح بنفسها أو أن تحيلها إلى قاضي التحقيق طالبة منه تحقيقها، فإحالة التحقيق في الجنح للقاضي اختياري - في الأصل - للنيابة العامة فإذا أحالت الأوراق إلى القاضي أصبح هو دون غيره المختص بالتحقيق والتصرف وينبني على ذلك أن للنيابة أن تحيل الجنحة إلى القاضي في أي وقت تشاء سواء أكانت باشرت فيها التحقيق بنفسها أم أنها أحالتها إليه بعد مطالعة محضر جميع الاستدلالات الذي أجراه البوليس وإذا كانت قد باشرت فيها التحقيق ثم أرسلتها للقاضي فتحقيقها يعد تحقيقًا قضائيًا سليمًا ولا موجب بعد ذلك لإعادة استجواب من استجوبتهم من المتهمين أو الشهود بمعرفة قاضي التحقيق إلا في حدود ضرورات التحقيق الملحة.
وإذا كان طلب التحقيق من القاضي في الجنح اختياري - في الأصل - للنيابة العامة فإنه يجب عليها أن تطلبه منه في الجنح التي بها متهمون محبوسون إذا لم ينته تحقيقها قبل نهاية مدة الحبس المبينة في المادة (202) إجراءات كما أن للقاضي نفسه أن يتصدى الدعوى ويقوم بتحقيقها بنفسه كلما عرضت عليه الأوراق لمد حبس المتهم أو لاستصدار إذن بتفتيش غير المتهمين أو منازلهم أو بضبط الخطابات والرسائل أو مراقبة حديث تليفوني (م207 إجراءات)، ويكون ذلك بأن يصدر أمرًا بتولي التحقيق فإذا صدر منه مثل هذا الأمر امتنع على النيابة العامة أن تتخذ أي إجراء في الدعوى ووجب عليها تسليم الأوراق لقلم الكتاب المختص.
وإذا كان للنيابة أن تحيل إلى قاضي التحقيق في أي وقت تشاء لتحقيقها فإن من حسن التنظيم أن لا تسرف النيابة في إحالة الجنح إليه حتى يتسع له الوقت لتحقيق الجنايات.

مدى تقيد قاضي التحقيق بالوقائع الواردة بطلب التحقيق

أشرنا فيما تقدم إلى المادة (67) إجراءات التي تنص على أنه لا يجوز لقاضي التحقيق مباشرة التحقيق في جريمة معينة إلا بناءً على طلب من النيابة العامة.... إلخ فما هو مدى تقيد قاضي التحقيق بهذا الطلب وهل هو مقيد به بالنسبة للموافقة أو الوقائع الواردة به وبالنسبة لمن ورد ذكرهم به من المتهمين ؟ ونص المادة (67) المشار إليها قاطع في أن ما يتقيد به القاضي هو الجريمة المحددة الواردة بطلب التحقيق الموجه إليه أما فيما يتعلق بأشخاص المتهمين فلا يوجد ما يقيده فله أن يوجه التحقيق ضد أي شخص يكون فاعلاً أصليًا أو شريكًا في الجريمة ولو لم تكن النيابة قد وجهت إليه التهمة وذلك بغير حاجة إلى الحصول من النيابة على طلب جديد كما أن له أن يتجاوز عن متهم اتهمته النيابة إلى متهم آخر أظهره التحقيق، فالتحقيق في هذا الدور عيني وليس شخصيًا.
وإذا كان القاضي مقيد في الأصل بالواقعة أو الوقائع الواردة في طلب التحقيق فإن له مطلق الحرية في تغيير وصفها القانوني بما يتفق وما ظهر له من تحقيقه دون تقيد بالتكييف الذي أعطته النيابة لها، فإذا كشف تحقيقه عن جريمة جديدة بوقائع جديدة فالذي رأته المحاكم في فرنسا ويعتبر أساسًا للعمل بمقتضاه في مصر أنه يجب التفرقة بين أمرين أولهما ما إذا كانت الجريمة التي كشف عنها التحقيق مرتبطة بالجريمة التي يجري التحقيق بشأنها بحيث يكون من الأصلح للعدالة والمجتمع أن يسيرا في التحقيق جنبًا إلى جنب لما في ذلك من فائدة ترجى بسبب اتصال الدلائل فيهما كأن يطلب من القاضي تحقيق جناية تزوير ثم ينكشف له أثناء تحقيقها أن التزوير كان بقصد إخفاء جناية اختلاس أو كأن يطلب منه تحقيق جناية رشوة ثم يتضح له أثناء التحقيق أن المتهم فيها أو غيره ارتكب جريمة بقصد طمس معالم الجريمة الأولى أو أنه قام بعمل معين - في سبيل تنفيذ الاتفاق يعد القيام به جريمة - لا نزاع في أن لقاضي التحقيق في هذه الحالة تحقيق الواقعة الجديدة بل يجب عليه ذلك لما فيه من تدعيم لأدلة الجريمة الأولى وإظهار للحقيقة الكاملة وتحقيق للعدالة وخاصة إذا لوحظ ما جاء بالمواد (11)، (12)، (13)، (176) إجراءات التي أعطت محكمة الجنايات والدائرة الجنائية بمحكمة النقض وغرفة الاتهام حق تحقيق الجرائم الأخرى متى كانت مرتبطة بالجريمة الأصلية وأن يدخلوا متهمين آخرين في الدعوى فإذا كان من حق هذه الجهات التي تعتبر درجة أعلى من قاضي التحقيق تحقيق وقائع جديدة وإدخال متهمين جدد فحق القاضي يثبت من باب أولى.
فإذا لم تكن الجريمة الجديدة مرتبطة بالجريمة الأولى وكانت من نوعها كأن يتهم أشخاص بارتكاب جناية سرقة بإكراه في الطريق العام ثم يأتي عرضًا أثناء تحقيق هذه الجناية ما يفيد أنهم ارتكبوا جناية أو جنايات أخرى من نفس النوع فهل لقاضى التحقيق أن يتعرض لهذه الوقائع الجديدة وأن يتناولها بالتحقيق ؟ نرى أنه ليس من حقه تحقيقها بدون طلب جديد من النيابة العامة بتحقيقها وعليه أن يكتفي بتدوين ما يجيء عرضًا بأقوال المستجوبين بشأنها وأن يخطر النيابة العامة بها ولهذه الأخيرة الاطلاع على الأوراق والتصرف في الأمر ولا ضرر من ذلك لأن الغالب أن تكون النيابة ممثلة في التحقيق ومن حق ممثلها أن يطلب عندئذٍ تحقيق الواقعة التي اكتشفها التحقيق ليسير القاضي في تحقيق الوقائع معًا ولأن الغالب أن الدليل في كل جناية يختلف عن الدليل في الأخرى ولأنه لا ضرر من تأخير التحقيق في الثانية يومًا أو أكثر لأنها وقعت منذ أمد قد يكون طويلاً ولا خوف على الأدلة من التأخير في تحقيقها.
أما إذا لم يكن هناك ارتباط بين الجريمة التي يحققها والجريمة الجديدة فيجب على القاضي أن يثبت ما عرفه عنها سواء عن طريق المتهم أو الشهود بمحضره ثم يخطر النيابة العامة التي يصبح لها الحق في صرف النظر عنها أو طلب تحقيقها.
مدى تقيد قاضي التحقيق بطلبات النيابة الختامية
نصت المادة (153) إجراءات على أنه (متى انتهى التحقيق يرسل قاضي التحقيق الأوراق إلى النيابة العامة وعليها أن تقدم طلباتها كتابةً خلال ثلاثة............ إلخ فهل القاضي مقيد بما يجيء بهذه الطلبات فيما يتعلق بالواقعة وتكييفها القاضي وأشخاص المتهمين فيها.
لا نزاع في أن قاضي التحقيق غير مقيد بما تبديه النيابة في طلباتها الختامية لا من حيث التكييف القانون للواقعة ولا من حيث أشخاص المتهمين فيها وما تطلبه بالنسبة لكل منهم فقاضي التحقيق وحده هو المختص بالتحقيق والتصرف طبقًا لنص المادة (69) إجراءات وإذا كان القانون قد أوجب على النيابة تقديم طلباتها الختامية كتابةً فليس معنى هذا أن القاضي مقيد بهذه الطلبات وإنما عليه أن يدرسها وأن يمحصها وأن ينتهي إما إلى الأخذ بها وإما إلى طرحها جانبًا وهى في ذلك تقابل تمامًا أقوال بقية الخصوم في الدعوى ولو قلنا بغير هذا لانتهينا إلى تمييز سلطة على أخرى وهو ما أراد المشرع أن يتلافاه بالتشريع الجديد.
شعبان مجاورعلي المحامي
شعبان مجاورعلي المحامي
المدير العام

عدد المساهمات : 1408
تاريخ التسجيل : 05/05/2011
الموقع : مصر

https://shabanavocat.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى