منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر
*منتدي شعبان مجاورعلي المحامي يشرفه زيارتكم وتسعده المشاركة*

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر
*منتدي شعبان مجاورعلي المحامي يشرفه زيارتكم وتسعده المشاركة*
منتدي شعبان مجاورعلي المحامي ـ أهناسيا ـ بني سويف مصــــــــر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تفسير اية الكرسي

اذهب الى الأسفل

تفسير اية الكرسي Empty تفسير اية الكرسي

مُساهمة من طرف شعبان مجاورعلي المحامي السبت 23 يونيو 2012, 9:50 pm

{254}
اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ
سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن
ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ
إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ
يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ{255} لاَ إِكْرَاهَ
فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ
بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ
الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{256}


اللّهُ
وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى
النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ
يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ
النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{257




الجلالين

الله
لا إله) أي لا معبود بحق في الوجود (إلا هو الحي) الدائم بالبقاء (القيوم)
المبالغ في القيام بتدبير خلقه (لا تأخذه سِنةٌ) نعاس (ولا نوم له ما في
السماوات وما في الأرض) ملكا وخلقا وعبيدا (من ذا الذي) أي لا أحد (يشفع
عنده إلا بإذنه) له فيها (يعلم ما بين
أيديهم) أي الخلق (وما خلفهم) أي من أمر الدنيا والآخرة (ولا يحيطون بشيء
من علمه) أي لا يعلمون شيئا من معلوماته (إلا بما شاء) أن يعلمهم به منها
بإخبار الرسل (وسع كرسيه السماواتِ والأرضَ) قيل أحاط علمه بهما وقيل [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] نفسه مشتمل عليهما لعظمته ، لحديث: "ما السماوات السبع في [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس". (ولا يؤوده) يثقله (حفظهما) أي السماوات والأرض (وهو العلي) فوق خلقه بالقهر (العظيم) الكبير

256 (لا
إكراه في الدين) على الدخول فيه (قد تبين الرشد من الغي) أي ظهر بالآيات
البينات أن الإيمان رشد والكفر غي نزلت فيمن كان له من الأنصار أولاد أراد
أن يكرههم على الإسلام (فمن يكفر بالطاغوت) الشيطان أو الأصنام وهو يطلق
على المفرد والجمع (ويؤمن بالله فقد استمسك) تمسك (بالعروة الوثقى) بالعقد المحكم (لا انفصام) انقطاع (لها والله سميع) بما يقال (عليم) بما يفعل

257 (الله
ولي) ناصر (الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات) الكفر (إلى النور) الإيمان
(والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات) ذكر
الإخراج إما في مقابلة قوله {يخرجهم من الظلمات} أو في كل من أمن بالنبي
قبل بعثته من اليهود ثم كفر به (أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)











ابن كثير



وهذه الاَية مشتملة على عشر جمل مستقلة

فقوله
{الله لا إله إلا هو} إخبار بأنه المتفرد بالإلهية لجميع الخلائق {الحي
القيوم} أي الحي في نفسه الذي لا يموت أبداً, القيم لغيره. , فجميع
الموجودات مفتقرة إليه, وهو غني عنها, لا قوام لها بدون أمره, كقوله {ومن
آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره} وقوله {لا تأخذه سنة ولا نوم} أي
لايعتريه نقص ولا غفلة ولا ذهول عن خلقه, بل هو قائم على كل نفس بما كسبت,
شهيد على كل شيء, لا يغيب عنه شيء, ولا يخفى عليه خافية, ومن تمام القيومية
أنه لا يعتريه سنة ولا نوم, فقوله {لا تأخذه} أي لا تغلبه سنة وهي الوسن
والنعاس, ولهذا قال: ولا نوم لأنه أقوى من السنة. وفي الصحيح عن أبي موسىَ,
قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع كلمات, فقال «إن الله
لا ينام, ولا ينبغي له أن ينام, يخفض القسط ويرفعه, يرفع إليه عمل النهار
قبل عمل الليل, وعمل الليل قبل عمل النهار, حجابه النور أو النار, لو كشفه
لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» .


وقوله
{له ما في السموات وما في الأرض} إخبار بأن الجميع عبيده وفي ملكه, وتحت
قهره وسلطانه, كقوله {إن كل من في السموات والأرض إلا آتى الرحمن عبداً *
لقد أحصاهم وعدهم عداً * وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً
}.

وقوله
{من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} كقوله {وكم من ملك في السموات لا تغني
شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى} وكقوله {ولا يشفعون
إلا لمن ارتضى} وهذا من عظمته وجلاله وكبريائه عز وجل, أنه لا يتجاسر أحد
على أن يشفع لأحد عنده إلا بإذنه له في الشفاعة, كما في حديث الشفاعة: «آتي
تحت العرش فأخر ساجداً, فيدعني ما شاء الله أن يدعني. ثم يقال: ارفع رأسك
وقل تسمع واشفع تشفع ـ قال ـ فيحد لي حداً فأدخلهم الجنة».


وقوله:
{يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} دليل على إحاطة علمه بجميع الكائنات,
ماضيها وحاضرها ومستقبلها, كقوله إخباراً عن الملائكة {وما نتنزل إلا بأمر
ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا, وما بين ذلك, وما كان ربك نسيا
}.

وقوله:
{ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} أي لا يطلع أحد من علم الله على
شيء إلا بما أعلمه الله عز وجل وأطلعه عليه. ويحتمل أن يكون المراد لا
يطلعون على شيء من علم ذاته وصفاته, إلا بما أطلعهم الله عليه, كقوله: {ولا
يحيطون به علماً
}.

وقوله: {وسع كرسيه السموات والأرض}, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, في قوله: {وسع كرسيه السموات والأرض} قال: علمه, }

عن أبي ذر الغفاري, أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط], فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ما السموات السبع والأرضون السبع عند [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط], إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة, وإن فضل العرش على [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] كفضل الفلاة على تلك الحلقة

وقوله:
{ولا يؤده حفظهما} أي لا يثقله ولا يكرثه حفظ السموات والأرض, ومن فيهما,
ومن بينهما, بل ذلك سهل عليه, يسير لديه, وهو القائم على كل نفس بما
كسبت, الرقيب على جميع الأشياء, فلا يعزب عنه شيء ولا يغيب عنه شيء, والأشياء
كلها حقيرة بين يديه, الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون, وهو القاهر لكل
شيء, الحسيب على كل شيء, الرقيب العلي العظيم, لا إله غيره, ولا رب سواه,
فقوله: {وهو العلي العظيم






**
لاَ إِكْرَاهَ فِي الدّينِ قَد تّبَيّنَ الرّشْدُ مِنَ الْغَيّ فَمَنْ
يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ
بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ


يقول
تعالى: {لا إكراه في الدين} أي لا تكرهوا أحداً على الدخول في دين
الإسلام, فإنه بيّن واضح, جلي دلائله وبراهينه, لا يحتاج إلى أن يكره أحد
على الدخول فيه, بل من هداه الله للإسلام, وشرح صدره, ونور بصيرته, دخل فيه
علي بينة, ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره, فإنه لا يفيده الدخول
في الدين مكرهاً مقسوراً, عن ابن عباس } قال: نزلت في رجل من الأنصار
من بني سالم بن عوف, يقال له الحصيني, كان له ابنان نصرانيان وكان هو رجلاً
مسلماً, فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: ألا استكرههما, فإنهما قد أبيا
إلا النصرانية, فأنزل الله فيه ذلك, رواه ابن جرير. وقال آخرون: بل هي
منسوخة ب[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
القتال, وإنه يجب أن يدعى جميع الأمم إلى الدخول في الدين الحنيف, دين
الإسلام, فإن أبى أحد منهم الدخول فيه, ولم ينقد له أو يبذل الجزية, قوتل
حتى يقتل, وهذامعنى الإكراه, قال الله تعالى {ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد
تقاتلونهم أو يسلمون} فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن
حميد عن أنس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل «أسلم», قال: إني
أجدني كارهاً, قال: «وإن كنت كارهاً» فإنه ثلاثي صحيح, ولكن ليس من هذا
القبيل, فإنه لم يكرهه النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام, بل دعاه
إليه, فأخبره أن نفسه ليست قابلة له, بل هي كارهة, فقال له: أسلم وإن كنت
كارهاً, فإن الله سيرزقك حسن النية والإخلاص.


وقوله:
{فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها
والله سميع عليم} أي من خلع الأنداد والأوثان, وما يدعو إليه الشيطان من
عبادة كل ما يعبد من دون الله, ووحد الله فعبده وحده, وشهد أنه لا إله إلا
هو {فقد استمسك بالعروة الوثقى} أي
فقد ثبت في أمره, واستقام على الطريق المثلى, والصراط المستقيم,

وقوله:
{فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها} أي فقد استمسك من الدين بأقوى
سبب, وشبه ذلك بالعروة القوية التي لا تنفصم, هي في نفسها محكمة مبرمة قوية
وربطها قوي شديد, قال مجاهد: العروة الوثقى يعني الإيمان, وقال السدي:
هو الإسلام, وقال سعيد بن جبير والضحاك: يعني لا إله إلا الله, وعن أنس بن
مالك: العروة الوثقى القرآن. وعن سالم بن أبي الجعد قال: هو الحب في الله,
والبغض في الله, وكل هذه الأقوال صحيحة, ولا تنافي بينها. وقال معاذ بن جبل
في قوله: {لا انفصام لها} دون دخول الجنة, وقال مجاهد وسعيد بن جبير {فقد
استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها} ثم قرأ {إن الله لا يغير ما بقوم حتى
يغيروا ما بأنفسهم} وقال الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن يوسف, حدثنا ابن عوف
عن محمد بن قيس بن عباد, قال: كنت في المسجد, فجاء رجل في وجهه أثر من
خشوع, فصلى ركعتين أوجز فيهما, فقال القوم: هذا رجل من أهل الجنة, فلما خرج
اتبعته حتى دخل منزله, فدخلت معه فحدثته, فلما استأنس, قلت له: إن القوم
لما دخلت المسجد, قالوا: كذا وكذا, قال: سبحان الله, ما ينبغي لأحد أن يقول
مالا يعلم, وسأحدثك لم, إني رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم, قصصتها عليه, رأيت كأني في روضة خضراء. قال ابن عون فذكر من خضرتها
وسعتها ـ وفي وسطها عمود حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء, في أعلى
عروة, فقيل لي اصعد عليه, فقلت: لا أستطيع, فجاءني منصف ـ قال ابن عون هو
الوصيف ـ فرفع ثيابي من خلفي, فقال: اصعد, فصعدت حتى أخذت بالعروة, فقال:
استمسك بالعروة, فاستيقظت وإنها لفي يدي, فأتيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم, فقصصتها عليه فقال «أما الروضة, فروضة الإسلام, وأما العمود فعمود
الإسلام, وأما العروة فهي العروة الوثقى, أنت على الإسلام حتى تموت» قال:
وهو عبد الله بن سلام. أخرجاه في الصحيحين من حديث عبد الله بن عون, فقمت
إليه. وأخرجه البخاري من وجه آخر, عن محمد بن سيرين به.




**
اللّهُ وَلِيّ الّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مّنَ الظّلُمَاتِ إِلَى
النّورِ وَالّذِينَ كَفَرُوَاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ
مّنَ النّورِ إِلَى الظّلُمَاتِ أُوْلَـَئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ
فِيهَا خَالِدُونَ


يخبر
تعالى أنه يهدي من اتبع رضوانه سبل السلام, فيخرج عباده المؤمنين من ظلمات
الكفر والشك والريب إلى نور الحق الواضح الجلي المبين السهل المنير, وأن
الكافرين إنما وليهم الشيطان, يزين لهم ما هم فيه من الجهالات والضلالات,
ويخرجونهم ويحيدون بهم عن طريق الحق
إلى
الكفر والإفك {أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} ولهذا وحد تعالى لفظ
النور, وجمع الظلمات, لأن الحق واحد والكفر أجناس كثيرة ولكنها باطلة




وقال السيوطي في الدر المنثور

وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله من ذا الذي يشفع عنده قال : من يتكلم عنده إلا بإذنه
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله يعلم ما بين أيديهم قال : ما مضى من الدنيا وما خلفهم من الآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس يعلم ما بين أيديهم ما قدموا من أعمالهم وما خلفهم ما أضاعوا من أعمالهم
وأخرج ابن جرير عن السدي ولا يحيطون بشيء من علمه يقول : لا يعلمون بشيء من علمه إلا بما شاء هو أن يعلمهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس قال الطاغوت ما يعبد من دون الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس فقد استمسك بالعروة الوثقى قال : لا إله إلا الله ذلك





الشوكاني


قوله:
255- "لا إله إلا هو" أي لا معبود بحق إلا هو، . والحي: الباقي، وقيل:
الذي لا يزول ولا يحول، وقيل: المصرف للأمور والمقدر للأشياء . والقيوم
القائم على كل نفس بما كسبت، وقيل: القائم بذاته المقيم لغيره، وقيل:
القائم بتدبير الخلق وحفظه، . والسنة: النعاس في قول الجمهور، والنعاس:
ما يتقدم النوم من الفتور وانطباق العينين، فإذا صار في القلب صار نوماً.
وفرق بين السنة والنعاس والنوم فقال: السنة من الرأس، والنعاس في العين،
والنوم في القلب انتهى. والذي ينبغي التعويل عليه في الفرق بين السنة
والنوم أن السنة لا يفقد معها العقل، بخلاف النوم فإنه استرخاء يفقد
معه العقل، وقدم السنة على النوم، لكونها تتقدمه في الوجود. . قوله:
"من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه" في هذا الاستفهام من الإنكار على من
يزعم أن أحداً من عباده يقدر على أن ينفع أحداً منهم بشفاعة أو غيرها
والتقريع والتوبيخ له ما لا مزيد عليه، وفيه من الدفع في صدور عباد
القبور والصد في وجوههم والفت في أعضادهم ما لا يقادر قدره ولا يبلغ
مداه، والذي يستفاد منه فوق ما يستفاد من قوله تعالى: "ولا يشفعون إلا
لمن ارتضى" وقوله تعالى: "وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً
إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى" قوله: "يعلم ما بين أيديهم
وما خلفهم" الضميران لما في السموات والأرض بتغليب العقلاء على غيرهم،
وما بين أيديهم وما خلفهم عبارة عن المتقدم عليهم والمتأخر عنهم، أو عن
الدنيا والآخرة وما فيهما. قوله: "ولا يحيطون بشيء من علمه" قد تقدم معنى
الإحاطة، والعلم هنا بمعنى المعلوم: أي لا يحيطون بشيء من معلوماته.
قوله: "وسع كرسيه" وقيل: إن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
هو العرش، والمراد بكونه وسع السموات والأرض أنها صارت فيه وأنه وسعها
ولم يضق عنها لكونه بسيطاً واسعاً. وقوله: "ولا يؤوده حفظهما" معناه لا
يثقله ثقالة أدنى الشيء، بمعنى أثقلني وتحملت منه مشقة. وقال الزجاج:
يجوز أن يكون الضمير في قوله: "يؤوده" لله سبحانه، ويجوز أن يكون للكرسي
لأنه من أمر الله " العلي " يراد به علو القدرة والمنزلة. والعظيم
بمعنى عظم شأنه وخطره


.
قال في الكشاف: إن الجملة الأولى بيان لقيامه بتدبير الخلق وكونه
مهيمناً عليه غير ساه عنه. والثانية بيان لكونه مالكاً لما يدبره. والجملة
الثالثة بيان لكبرياء شأنه. والجملة الرابعة بيان لإحاطته بأحوال الخلق
وعلمه بالمرتضى منهم المستوجب للشفاعة وغير المرتضى. والجملة الخامسة
بيان لسعة علمه وتعلقه بالمعلومات كلها، أو لجلاله وعظم قدره.


"سئل
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله "وسع كرسيه" قال: كرسيه موضع
قدمه، والعرش لا يقدر قدره إلا الله عز وجل". وأخرجه الحاكم وصححه.


اعلم أنه قد ورد في فضل هذه ال[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أحاديث. عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعظم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في كتاب الله- الله لا إله إلا هو الحي القيوم". وأخرج
أبو داود والترمذي وصححه من حديث أسماء بنت يزيد بن السكن قالت: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هاتين الآيتين: "الله لا إله إلا
هو الحي القيوم"، و" الم * الله لا إله إلا هو " إن فيهما اسم الله
الأعظم. وورد أيضاً في فضل قراءتها دبر الصلوات وفي غير ذلك،


قد
"لا إكراه في الدين" إنها منسوخة ، والناسخ لها قوله تعالى: "يا
أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين" وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا
قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع
المتقين وقيل أنها ليست بمنسوخة وإنما نزلت في أهل الكتاب خاصة، وأنهم
لا يكرهون على الإسلام إذا أدوا الجزية، بل الذين يكرهون هم أهل
الأوثان، فلا يقبل منهم إلا الإسلام وقيل: أن هذه ال[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في الأنصار خاصة،


وقال
ابن كثير في تفسيره: أي لا تكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام،
فإنه بين واضح جلي دلائله وبراهينه لا تحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول
فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة،
ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين
مكرهاً مقسوراً، . وقال في الكشاف لم يجبر الله أمر الإيمان على
الإجبار والقسر، ولكن على التمكين والاختيار، ونحوه قوله: "ولو شاء ربك
لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"
والذي ينبغي اعتماده ويتعين الوقوف عنده: أنها في السبب الذي نزلت
لأجله محكمة غير منسوخة، . وهذا يقتضي أن أهل الكتاب لا يكرهون على
الإسلام إذا اختاروا البقاء على دينهم وأدوا الجزية. وأما أهل الحرب فال[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وإن كانت تعمهم، لأن النكرة في سياق النفي وتريف الدين يفيدان ذلك،
والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب قوله: "قد تبين الرشد من الغي"
الرشد هنا الإيمان، والغي الكفر: أي قد تميز أحدهما على الآخر. وهذا
استئناف يتضمن التعليل لما قبله. والطاغوت من طغى يطغي ويطغو: إذا جاوز
الحد. والطاغوت: الكاهن والشيطان وكل رأس في الضلال، وقد يكون واحداً.
قال الله تعالى :"يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا
به" وقد يكون جمعاً. قال الله تعالى: "أولياؤهم الطاغوت" والجمع طواغيت:
أي فمن يكفر بالشيطان أو الأصنام أو أهل الكهانة ورؤوس الضلالة أو
بالجميع "ويؤمن بالله" عز وجل بعد ما تميز له الرشد من الغي فقد فاز
وتمسك بالحبل الوثيق الإيمان، الإسلام، وقيل: لا إله إلا الله،




السيد قطب

(الحي القيوم). .

والحياة التي يوصف بها الإله الواحد هي الحياة الذاتية التي لم تأت من مصدر آخر كحياة الخلائق المكسوبة الموهوبة لها من الخالق . ومن ثم يتفرد الله - سبحانه - بالحياة على هذا المعنى . كما أنها هي الحياة الأزلية الأبدية التي لا تبدأ من مبدأ ولا تنتهي إلى نهاية

أما صفة(القيوم). . فتعني قيامه - سبحانه - على كل موجود . كما تعني قيام كل موجود به فلا قيام لشيء إلا مرتكنا إلى وجوده وتدبيره - قائم على كل شيء , وأن كل شيء قائم في وجوده على إرادة الله وتدبيره . . ومن ثم يظل ضمير المسلم وحياته ووجوده ووجود كل شيء من حوله مرتبطا بالله الواحد ; الذي يصرف أمره وأمر كل شيء حوله , وفق حكمة وتدبير , فيلتزم الإنسان في حياته بالمنهج المرسوم القائم على الحكمة والتدبير ; ويستمد منه قيمه وموازينه , ويراقبه وهو يستخدم هذه القيم والموازين .

(لا تأخذه سنة ولا نوم). .



(له ما في السماوات وما في الأرض). .

فهي الملكية الشاملة . كما أنها هي الملكية المطلقة . . الملكية التي لا يرد عليها قيد ولا شرط ولا فوت ولا شركة . وهي مفهوم من مفاهيم الألوهية الواحدة . فالله الواحد هو الحي الواحد , القيوم الواحد , المالك الواحد !

(من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ?). .

وهذه صفة أخرى من صفات الله ; توضح مقام الألوهية ومقام العبودية . . فالعبيد جميعا يقفون في حضرة الألوهية موقف العبودية ; لا يتعدونه ولا يتجاوزونه , يقفون في مقام العبد الخاشع الخاضع ; الذي لا يقدم بين يدي ربه ; ولا يجرؤ على الشفاعة عنده , إلا بعد أن يؤذن له , فيخضع للإذن ويشفع في حدوده . . وهم يتفاضلون فيما بينهم , ويتفاضلون في ميزان الله . ولكنهم يقفون عند الحد الذي لا يتجاوزه عبد . .

إنه الإيحاء بالجلال والرهبة في ظل الألوهية الجليلة العلية



(يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم , ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء). .

وهذه الحقيقة بطرفيها تساهم كذلك في تعريف المسلم بإلهه , وفي تحديد مقامه هو من إلهه . فالله يعلم ما بين أيدي الناس وما خلفهم . وهو تعبير عن العلم الشامل الكامل المستقصي لكل ما حولهم

. علم الله الشامل بما بين أيديهم وما خلفهم . . من شأنه أن يحدث في النفس رجة وهزة . النفس التي تقف عارية في كل لحظة أمام بارئها الذي يعلم ما بين يديها وما خلفها . يعلم ما تضمر علمه بما تجهر . ويعلم ما تعلم علمه بما تجهل . ويعلم ما يحيط بها من ماض وآت مما لا تعلمه هي ولا تدريه . .



(ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء). .

إنه - سبحانه - هو الذي يعلم وحده كل شيء علما مطلقا شاملا كاملا . وهو - سبحانه - يتأذن فيكشف للعباد بقدر عن شيء من علمه ; تصديقا لوعده الحق: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق). . ولكنهم هم ينسون هذه الحقيقة ; ويفتنهم ما يأذن الله لهم فيه من علمه . سواء كان هذا الذي أذن لهم فيه علم شيء من نواميس الكون وقوانينه ;

إن الله سبحانه وهب الإنسان المعرفة مذ أراد إسناد الخلافة في الأرض إليه . ووعده أن يريه آياته في الآفاق وفي الأنفس ووعده الحق . وصدقه وعده فكشف له يوما بعد يوم , وجيلا بعد جيل , في خط يكاد يكون صاعدا أبدا , عن بعض القوى والطاقات والقوانين الكونية التي تلزم له في خلافة الأرض , ليصل بها إلى أقصى الكمال المقدر له في هذه الرحلة المرسومة .

وبقدر ما أذن الله للإنسان في علم هذا الجانب وكشف له عنه , بقدر ما زوى عنه أسرارا أخرى لا حاجة له بها في الخلافة . . زوى عنه سر الحياة وما يزال هذا السر ! وزوى عنه سر اللحظة القادمة . فهي غيب لا سبيل إليه



(وسع كرسيه السماوات والأرض , ولا يؤوده حفظهما). .

وقد جاء التعبير في هذه الصورة الحسية في موضع التجريد المطلق ; على طريقة القرآن في التعبير التصويري , لأن الصورة هنا تمنح الحقيقة المراد تمثيلها للقلب قوة وعمقا وثباتا . ف[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] يستخدم عادة في معنى الملك . فإذا وسع كرسيه السماوات والأرض فقد وسعهما سلطانه . وهذه هي الحقيقة من الناحية الذهنية . ولكن الصورة التي ترتسم في الحس من التعبير بالمحسوس أثبت وأمكن . وكذلك التعبير بقوله: (ولا يؤوده حفظهما)فهو كناية عن القدرة الكاملة . ولكنه يجيء في هذه الصورة المحسوسة . صورة انعدام الجهد والكلال . لأن التعبير القرآني يتجه إلى رسم صور للمعاني تجسمها للحس , فتكون فيه أوقع وأعمق وأحس .





(وهو العلي العظيم). .

وهذه خاتمة الصفات في ال[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] , تقرر حقيقة , وتوحي للنفس بهذه الحقيقة . وتفرد الله سبحانه بالعلو , وتفرده سبحانه بالعظمة . فالتعبير على هذا النحو يتضمن معنى القصر والحصر . فلم يقل وهو علي عظيم , ليثبت الصفة مجرد إثبات . ولكنه قال: (العلي العظيم)ليقصرها عليه سبحانه بلا شريك !

إنه المتفرد بالعلو , المتفرد بالعظمة . وما يتطاول أحد من العبيد إلى هذا المقام إلا ويرده الله إلى الخفض والهون ; وإلى العذاب في الآخرة والهوان . وهو يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا). . ويقول عن فرعون في معرض الهلاك: إنه كان عاليا . .

; وترده إلى مخافة الله ومهابته ; وإلى الشعور بجلاله وعظمته ; وإلى الأدب في حقه والتحرج من الاستكبار على عباده .

:







(لا إكراه في الدين . قد تبين الرشد من الغي . فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها . والله سميع عليم . الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ; والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات . أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). .



إن قضية العقيدة - كما جاء بها هذا الدين - قضية اقتناع بعد البيان والإدراك ; وليست قضية إكراه وغصب وإجبار . ولقد جاء هذا الدين يخاطب الإدراك البشري بكل قواه وطاقاته . يخاطب العقل المفكر , والبداهة الناطقة , ويخاطب الوجدان المنفعل , كما يخاطب الفطرة المستكنة . يخاطب الكيان البشري كله , والإدراك البشري بكل جوانبه ; في غير قهر حتى بالخارقة المادية التي قد تلجيء مشاهدها الجاء إلى الإذعان , ولكن وعيه لا يتدبرها وإدراكه لا يتعقلها لأنها فوق الوعي والإدراك .

وإذا كان هذا الدين لا يواجه الحس البشري بالخارقة المادية القاهرة , فهو من باب أولى لا يواجهه بالقوة والإكراه ليعتنق هذا الدين تحت تأثير التهديد أو مزاولة الضغط القاهر والإكراه بلا بيان ولا إقناع ولا اقتناع .



(لا إكراه في الدين . قد تبين الرشد من الغي). . وفي هذا المبدأ يتجلى تكريم الله للإنسان ; واحترام إرادته وفكره ومشاعره ; وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهدى والضلال في الاعتقاد وتحميله تبعة عمله وحساب نفسه . . وهذه هي أخص خصائص التحرر الإنساني . . التحرر الذي تنكره على الإنسان في القرن العشرين مذاهب معتسفة ونظم مذلة ; لا تسمح لهذا الكائن الذي كرمه الله - باختياره لعقيدته - أن ينطوي ضميره على تصور للحياة ونظمها

إن حرية الاعتقاد هي أول حقوق "الإنسان" التي يثبت له بها وصف "إنسان" . فالذي يسلب إنسانا حرية الاعتقاد , إنما يسلبه إنسانيته ابتداء . . ومع حرية الاعتقاد حرية الدعوة للعقيدة , والأمن من الأذى والفتنة . . وإلا فهي حرية بالاسم لا مدلول لها في واقع الحياة .

والإسلام - وهو أرقى تصور للوجود وللحياة , وأقوم منهج للمجتمع الإنساني بلا مراء - هو الذي ينادي بأن لا إكراه في الدين ; وهو الذي يبين لأصحابه قبل سواهم أنهم ممنوعون من إكراه الناس على هذا الدين . . فكيف بالمذاهب والنظم الأرضية القاصرة المعتسفة وهي تفرض فرضا بسلطان الدولة ; ولا يسمح لمن يخالفها بالحياة ?!

والتعبير هنا يرد في صورة النفي المطلق: (لا إكراه في الدين). . نفي الجنس كما يقول النحويون . . أي نفي جنس الإكراه . نفي كونه ابتداء . فهو يستبعده من عالم الوجود والوقوع . وليس مجرد نهي عن مزاولته . والنهي في صورة النفي - والنفي للجنس - أعمق إيقاعا وآكد دلالة .



(قد تبين الرشد من الغي). .

فالإيمان هو الرشد الذي ينبغي للإنسان أن يتوخاه ويحرص عليه . والكفر هو الغي الذي ينبغي للإنسان أن ينفر منه ويتقي أن يوصم به .

والأمر كذلك فعلا . فما يتدبر الإنسان نعمة الإيمان , وما تمنحه للإدراك البشري من تصور ناصع واضح , , وما تمنحه للقلب البشري من طمأنينة وسلام , وما تثيره في النفس البشرية من اهتمامات رفيعة ومشاعر نظيفة , وما تحققه في المجتمع الإنساني من نظام سليم قويم دافع إلى تنمية الحياة وترقية الحياة . . ما يتدبر الإنسان نعمة الإيمان على هذا النحو حتى يجد فيها الرشد الذي لا يرفضه إلا سفيه , يترك الرشد إلى الغي , ويدع الهدى إلى الضلال , ويؤثر التخبط والقلق والهبوط والضآلة على الطمأنينة والسلام والرفعة والاستعلاء !



(فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها). .

إن الكفر ينبغي أن يوجه إلى ما يستحق الكفر , وهو(الطاغوت). وإن الإيمان يجب أن يتجه إلى من يجدر الإيمان به وهو(الله).

والطاغوت صيغة من الطغيان , تفيد كل ما يطغى على الوعي , ويجور على الحق , ويتجاوز الحدود التي رسمها الله للعباد , ولا يكون له ضابط من العقيدة في الله , ومن الشريعة التي يسنها الله , ومنه كل منهج غير مستمد من الله , وكل تصور أو وضع أو أدب أو تقليد لا يستمد من الله . فمن يكفر بهذا كله في كل صورة من صوره ويؤمن بالله وحده ويستمد من الله وحده فقد نجا . . وتتمثل نجاته في استمساكه بالعروة الوثقى لا انفصام لها . . . إن الإيمان بالله عروة وثيقة لا تنفصم أبدا . . إنها متينة لا تنقطع . . ولا يضل الممسك بها طريق النجاة . . إنها موصولة بمالك الهلاك والنجاة . . والإيمان في حقيقته اهتداء إلى الحقيقة الأولى التي تقوم بها سائر الحقائق في هذا الوجود . . حقيقة الله . . واهتداء إلى حقيقة الناموس الذي سنه الله لهذا الوجود

(والله سميع عليم). .

يسمع منطق الألسنة , ويعلم مكنون القلوب . فالمؤمن الموصول به لا يبخس ولا يظلم ولا يخيب .

ثم يمضي السياق يصور في مشهد حسي حي متحرك طريق الهدى وطريق الضلال ; وكيف يكون الهدى وكيف يكون الضلال . . يصور كيف يأخذ الله - ولي الذين آمنوا - بأيديهم , فيخرجهم من الظلمات إلى النور . بينما الطواغيت - أولياء الذين كفروا - تأخذ بأيدهم فتخرجهم من النور إلى الظلمات !



اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)



إن الإيمان نور . . نور واحد في طبيعته وحقيقته . . وإن الكفر ظلمات .

إن الإيمان نور يشرق به كيان المؤمن أول ما ينبثق في ضميره . تشرق به روحه فتشف وتصفو وتشع من حولها نورا ووضاءة ووضوحا . . نور يكشف حقائق الأشياء وحقائق القيم وحقائق التصورات , فيراها قلب المؤمن واضحة بغير غبش , بينة بغير لبس , مستقرة في مواضعها بغير أرجحة ; فيأخذ منها ما يأخذ ويدع منها ما يدع في هوادة وطمأنينة وثقة وقرار لا أرجحة فيه . . نور يكشف الطريق إلى الناموس الكوني فيطابق المؤمن بين حركته وحركة الناموس الكوني من حوله ومن خلاله ; ويمضي في طريقه إلى الله هينا لينا لا يعتسف ولا يصطدم بالنتوءات , ولا يخبط هنا وهناك . فالطريق في فطرته مكشوف معروف .

وهو نور واحد يهدي إلى طريق واحد . فأما ضلال الكفر فظلمات شتى منوعة . . ظلمة الهوى والشهوة

وظلمة الشرود والتيه . وظلمة الكبر والطغيان . وظلمة الضعف والذلة . وظلمة الرياء والنفاق . وظلمة الطمع والسعر . وظلمة الشك والقلق . . . وظلمات شتى لا يأخذها الحصر تتجمع كلها عند الشرود عن طريق الله , والتلقي من غير الله , والاحتكام لغير منهج الله . . وما يترك الإنسان نور الله الواحد الذي لا يتعدد . نور الحق الواحد الذي لا يتلبس . حتى يدخل في الظلمات من شتى الأنواع وشتى الأصناف . . وكلها ظلمات . . !

والعاقبة هي اللائقة بأصحاب الظلمات:

(أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). . وإذ لم يهتدوا بالنور , فليخلدوا إذن في النار !

إن الحق واحد لا يتعدد والضلال ألوان وأنماط . . فماذا بعد الحق إلا الضلال ?













قال ابن سعدي عن هذه النفحة في تفسيره فتح الرحيم المنان بتصرف



هذه ال[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الكريمة أعظم آيات القرآن وأفضلها وأجلها، وذلك لما اشتملت عليه من الأمور
العظيمة والصفا
شعبان مجاورعلي المحامي
شعبان مجاورعلي المحامي
المدير العام

عدد المساهمات : 1408
تاريخ التسجيل : 05/05/2011
الموقع : مصر

https://shabanavocat.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى